للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ كانَ البَذْرُ مِنْ العامِلِ فلِصاحِبِ الأرضِ أجْرُ مِثلِ الأرضِ لربِّها، وهي المُخابَرةُ؛ لِاستيفاءِ العامِلِ مَنفَعةَ أرضِه بعَقدٍ فاسِدٍ؛ لأنَّه يَكونُ مُستَأجِرًا لِلأرضِ، فإذا فَسَدَتِ الإجارةُ وجبَ عليه أجْرُ مِثلِ أرضِه.

وقالَ الحَنابِلةُ: وإنْ كانَ البَذْرُ مِنهما فالزَّرعُ لَهُما، ويَتَراجَعانِ بما يُفَضَّلُ لِأحَدِهِما على الآخَرِ مِنْ أجْرٍ مِثلِ الأرضِ التي فيها نَصيبُ العامِلِ، وأجْرُ العامِلِ بقَدْرِ عَملِه في نَصيبِ صاحِبِ الأرضِ (١).

أمَّا شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ فقالَ: إذا فَسَدَتِ المُزارَعةُ أو المُساقاةُ أو المُضارَبةُ استَحقَّ العامِلُ نَصيبَ المِثْلِ -وَهو ما جَرَتْ به العادةُ في مِثلِه- لا أُجرةَ المِثلِ (٢).

وقالَ في «مَجموع الفَتاوَى»: الصَّحيحُ مِنْ قَولَيِ العُلماءِ أنَّ هذه المُشارَكاتِ إذا فَسَدَتْ وجبَ نَصيبُ المِثلِ، لا أُجرةُ المِثلِ، فيَجِبُ مِنْ الرِّبْحِ أو النَّماءِ إمَّا ثُلُثُه، وإمَّا نِصفُه، كَما جَرَتِ العادةُ في مِثلِ ذلك، ولا تَجِبُ أُجرةٌ مُقدَّرةٌ، فإنَّ ذلك قد يَستَغرِقُ المالَ وأضعافَه؛ وإنَّما يَجِبُ في الفاسِدِ مِنْ العُقودِ نَظيرُ ما يَجِبُ في الصَّحيحِ، والواجِبُ في الصَّحيحِ لَيسَ هو أُجرةً مُسمَّاةً، بَلْ جُزءٌ شائِعٌ مِنْ الرِّبحِ مُسمًّى فيَجِبُ في الفاسِدةِ نَظيرُ ذلك (٣).


(١) يُنْظر: «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٨٣)، و «الهداية» (٤/ ٥٦)، و «الاختيار» (٣/ ٩٦)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٢٥٥)، و «مجمع الأنهر» (٤/ ١٤٤)، و «اللباب» (٢/ ١٠)، و «الهندية» (٥/ ٢٣٧)، و «المبدع» (٥/ ٥٨)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٤٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٦١٤)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٠٥).
(٢) «الاختيارات» ص (٢٢٠)
(٣) «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٨٤، ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>