للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ في الشُّرُنْبُلَالِيَّة: فقَدْ تَعارَضَ ما عليه الفَتوَى. اه.

لَكِنْ حَيثُ صَحَّ كلٌّ مِنْ القوليْنِ لا يُعدَلُ عَما عليه (١).

وذَهَبَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ المُزارَعةَ لا تَفتقِرُ إلى ذِكْرِ مدَّةٍ، ولكُلٍّ منهما فَسخُها متى شاءَ؛ لأنَّ النَّبِيَّ لم يُنقَلْ عنه أنَّه قدَّرَ لهم ذلك بمدَّةٍ، ولو قدَّرَ لم يُترَكْ نَقلُه؛ لأنَّ هذا ممَّا يُحتاجُ إليه؛ فلا يَجوزُ الإخلالُ بنَقْلِه، وعُمرُ أجْلاهُم مِنْ الأرضِ وأخرَجَهم مِنْ خَيبَرَ، ولو كانَتْ لهم مدَّةٌ مُقدَّرَةٌ لم يَجُزْ إخراجُهم منها.

فعَنِ ابنِ عُمرَ «أنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ أجْلَى اليَهُودَ والنَّصَارَى مِنْ أرْضِ الحِجازِ، وكانَ رَسولُ اللَّهِ لَمَّا ظَهرَ على أهْلِ خَيْبَرَ أرَادَ أنْ يُخْرِجَ اليَهُودَ منها، وكَانَتِ الأرْضُ -لَمَّا ظَهرَ عليها- لِليهُودِ ولِلرَّسُولِ ولِلْمُسْلِمِينَ، فسَأَلَ اليهُودُ رَسُولَ اللَّهِ أنْ يَتْرُكَهُم على أنْ يَكْفُوا العَملَ ولَهُم نِصفُ الثَّمرِ، فقالَ رَسولُ اللَّهِ : نُقِرُّكُمْ على ذلك ما شِئْنا. فأُقِرُّوا حتى أجْلَاهُم عُمرُ في إِمارَتِه إلى تيْمَاءَ وأَرِيحَا» (٢).

وذَهَبَ الحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّها تَفتقِرُ إلى ذِكْرِ مدَّةٍ على القَولِ بلُزومِها (٣).


(١) «ابن عابدين» (٦/ ٢٧٥)، و «تنقيح الفتاوى الحامدية» (٦/ ٢١٢)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ١٨٠)، و «الهداية شرح البداية» (٤/ ٥٩)، و «الاختيار» (٣/ ٩٤).
(٢) رواه البخاري (٢٩٨٣)، ومسلم (١٥٥١).
(٣) «المغني» (٥/ ٢٣٣، ٢٣٤)، و «الكافي» (٢/ ٢٩٠)، و «المبدع» (٥/ ٤٩)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٧٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٣١، ٣٦٠)، و «الروض المربع» (٢/ ٨٤)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٠٤، ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>