للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له أنْ يُعيدَ مثلَ البَذْرِ إلى صاحِبِه، كَما قالَ مثلَ ذلك في المُضارَبةِ، فكَيفَ؟ ولَوِ اشترَطَ ربُّ البَذْرِ نَظيرَ عَودِ بَذْرِه إليه لَم يُجَوِّزوا ذلك (١).

فعلى المَذهبِ إذا فسَدَتْ وكانَ البَذْرُ مِنْ العامِلِ، فالزَّرعُ كلُّه لَه؛ لأنَّه صاحِبُ البَذْرِ؛ لأن عينَ مالِه تَقلَب مِنْ حالٍ إلى حالٍ، وعليه أُجرةُ مِثلِ الأرضِ لربِّها؛ لأنَّ رَبَّها دخلَ على أنْ يَأخُذَ ما سُمِّيَ لَه، فإذا فاتَ رَجعَ إلى بَدَلِه، لِكَونِه لَم يَرْضَ ببَذْلِ أرضِه مَجَّانًا، وإنْ كانَ البَذْرُ مِنهما فالزَّرعُ لَهُما بحَسَبِه.

وإنْ شرطَ ربُّ الأرضِ أنْ يَأخُذَ مثلَ بَذْرِه ويَقتَسِما البقيَّةَ لَم يَصحَّ، كَأنَّه اشترَطَ لِنَفْسِه قُفَزانًا مَعلومةً، وهو شَرطٌ فاسِدٌ يَفسُدُ به المُزارَعةُ؛ لأنَّه قد لا يَخرُجُ مِنْ الأرضِ إلَّا ذلك القَدْرُ؛ فيَختَصُّ به المالِكُ، ورُبَّما لا تُخرِجُه، ومَوضوعُها على الِاشتِراكِ.

فَإنْ كانَ البَذْرُ مِنهما نِصفَيْنِ وشرطَا أنَّ الزَّرعَ بَينَهما نِصفانِ، فهو بَينهُما، سَواءٌ قُلْنا بصِحَّةِ المُزارَعةِ، أو فَسادِها؛ لأنَّها إنْ كانَتْ صَحيحةً فالزَّرعُ بَينَهما على ما شرطَا، وإنْ كانَتْ فاسِدةً فلكلِّ واحِدٍ مِنهما بقَدْرِ بَذْرِه، لَكِنْ إنْ حَكَمْنا بصِحَّتِها لَم يَرجِعْ أحَدُهما على صاحِبِه بشَيءٍ، وإنْ قُلْنا: مِنْ شَرطِ صِحَّتِها إخراجُ ربِّ المالِ البَذْرَ فهي فاسِدةٌ، فعلى العامِلِ نِصفُ أجْرِ الأرضِ، ولَه على ربِّ الأرضِ نِصفُ أجْرِ عَملِه، ويَتَقاصَّانِ بقَدْرِ الأقَلِّ مِنهما، ويَرجِعُ أحَدُهما على صاحِبِه بالفَضلِ.


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٥١٠، ٥١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>