وإنْ قالَ: ما زَرَعتَها مِنْ شَيءٍ فلي نِصفُه، صَحَّ، لِحَدِيثِ ابنِ عُمرَ ﵄ قَالَ: «عَامَلَ النَّبِيُّ ﷺ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمرٍ أَوْ زَرْعٍ» (١).
٢ - كَونُ البَذْرِ مِنْ ربِّ الأرضِ في أحَدِ القوليْنِ هو المَذهَبُ، ويُقِرُّ العَملَ مِنْ الآخَرِ؛ لأنَّهما يَشتَرِكانِ في نَمائِه؛ فوجبَ أنْ يَكونَ رَأْسُ المالِ مِنْ أحَدِهِما؛ كالمُضارَبةِ، فلا تَصحُّ المُزارَعةُ إنْ كانَ البَذْرُ مِنْ العامِلِ، أو كانَ البَذْرُ مِنهما، أي: العامِلِ ورَبِّ الأرضِ، أو كانَ البَذْرُ مِنْ أحَدِهِما، والأرضُ لَهُما؛ لِمَا تَقدَّمَ، أو كانَ البَذْرُ مِنْ واحِدٍ، والأرضُ والعَملُ مِنْ الآخَرِ، أوِ الأرضُ مِنْ واحِدٍ، والعَملُ مِنْ آخَرَ، والبَذْرُ مِنْ ثالِثٍ، أو الأرضُ مِنْ واحِدٍ، والعَملُ مِنْ آخَرَ، والبَذْرُ مِنْ ثالِثٍ، والبَقَرُ مِنْ رابِعٍ، فلا تَصحُّ في جَميعِ هذه الصُّوَرِ؛ لأنَّ البَذْرَ لَيسَ مِنْ ربِّ الأرضِ.
ورِوايةٌ أُخرى: أنَّه لا يُشترَطُ في المُزارَعةِ والمُغارَسةِ كَونُ البَذْرِ والغِراسِ مِنْ ربِّ الأرضِ، فيَجوزُ أنْ يُخرِجَه العامِلُ في قَولِ عُمرَ، وابنِ مَسعودٍ وغَيرِهما، ونَصَّ عليه في رِوايةٍ مِنها، وصَحَّحَه في «المُغني»، والشَّرحِ، واختارَه أبو مُحمَّدٍ الجَوزيُّ، والشَّيخُ تَقيُّ الدِّينِ، ابنُ تَيميَّةَ، وعليه عَملُ النَّاسِ؛ لأنَّ الأصلَ المُعوَّلَ عليه في المُزارَعةِ قِصَّةُ خَيبَرَ، ولَم يَذكُرِ النَّبيُّ ﷺ أنَّ البَذْرَ على المُسلِمينَ.
وقالَ البُخاريُّ ﵀: «وَعامَلَ عُمرُ النَّاسَ على: إنْ جاءَ عُمرُ بالبَذْرِ
(١) رواه البخاري (٢٢٠٣)، ومسلم (١٥٥١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute