للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا المَعقولُ: فأنَّ الحاجةَ ماسَّةٌ إلَى المُزارَعةِ؛ لأنَّ صاحِبَ الأرضِ قد لا يَقدِرُ على العَملِ بنَفْسِه، ولا يَجِدُ ما يَستَأجِرُ به، والقادِرُ على العَملِ لا يَجِدُ أرضًا، ولا ما يَعمَلُ به، فدَعَتِ الحاجةُ إلى جَوازِها؛ دَفعًا لِلحاجةِ، كالمُضارَبةِ (١).

وذَهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ وزُفَرُ والشافِعيَّةُ في المَذهبِ إلى أنَّ المُزارَعةَ والمُخابَرةَ لا تَصحُّ، وهي باطِلةٌ -إلَّا في البَياضِ الذي بينَ النَّخلِ والعِنَبِ عندَ الشافِعيَّةِ على ما يَأْتي تَفصيلُه- واستَدَلُّوا على ذلك بالسُّنةِ والمَعقولِ:

أمَّا السُّنةُ: فعَن عَبدِ اللَّهِ بنِ السَّائِبِ قالَ: دخَلْنَا على عَبدِ اللَّهِ بنِ مَعْقِلٍ فسَالنَاهُ عن المُزارَعةِ فقالَ: «زَعَم ثَابِتٌ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ نَهَى عن المُزارَعةِ، وأمَرَ بالمُؤَاجَرةِ، وقالَ: لا بَأْسَ بها» (٢).

وعن سُليمَانَ بنِ يَسَارٍ أنَّ رَافِعَ بنَ خَديجٍ قالَ: «كُنَّا نُخَابِرُ على عَهدِ رَسولِ اللَّهِ ، فذكرَ أنَّ بَعضَ عُمُومَتهِ أتَاهُ فقالَ: نَهَى رَسولُ اللَّهِ عن أمْرٍ كانَ لنا نَافِعًا، وَطَوَاعيَةُ اللَّهِ وَرسُولِهِ أنْفَعُ لنا وأنْفَعُ.


(١) «الاختيار» (٣/ ٩٣)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٢٤٩)، و «اللباب» (٢/ ٦)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٩٤).
(٢) رواه مسلم (١٥٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>