للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنَّه عَيبٌ يُوجِبُ له الخِيارَ، فإنْ شاءَ رَضيَ بذلك، وإنْ شاءَ رَدَّ (١).

وقالَ الشافِعيَّةُ: ولَو خَرجَ الثَّمرُ بعدَ العَملِ مُستحَقًّا لِغَيرِ المُساقِي، كَأنْ أوْصَى بثَمنِ الشَّجرِ المُساقَى عليه، أو خَرجَ الشَّجرُ مُستحَقًّا، فلِلعاملِ على المُساقي أُجرةُ المِثلِ لِعَملِهِ؛ لأنَّه فَوَّتَ مَنافِعَه بعِوَضٍ فاسِدٍ؛ فيَرجِعُ ببَدَلِها، كَما لَوِ استَأجَرَ رَجُلًا لِلعَملِ في مَغصوبٍ، فعَمِلَ جاهِلًا، هذا إذا عَمِلَ جاهِلًا بالحالِ؛ فإنْ عَلِمَ الحالَ فلا شَيءَ لَه، وكَذا إذا كانَ الخُروجُ قبلَ العَملِ.

وَقيلَ: لا أُجرةَ؛ لأنَّه الذي أتلَفَ مَنفَعةَ نَفْسِه، وكَما لَو فاتَتِ الثِّمارُ بجائِحةٍ (٢).

وقالَ الحَنابِلةُ: إنْ ساقاه على شَجرٍ فبانَ مُستحَقًّا بعدَ العَملِ أخَذَه رَبُّه وثَمرَتَهُ؛ لأنَّه عَيْنُ مالِه، ولا حَقَّ لِلعاملِ في ثَمرَتِه؛ لأنَّه عَمِلَ فيها بغَيرِ إذْنِ مالِكِها، ولا أجْرَ له عليه لِذلك، ولَه أجْرُ مِثلِه على الغاصِبِ؛ لأنَّه غَيرُه، واستَعمَلَه، فلَزِمَه الأجرُ، كَما لَو غَصَبَ نَقرةً، فاستَأجَرَ مَنْ ضَرَبَها دَراهِمَ، وإنْ شَمَّسَ الثَّمرةَ فلَم تَنقُصْ، أخَذَها رَبُّها، وإنْ نَقَصَتْ فلربِّها أرْشُ نَقْصِها، ويَرجِعُ به على مَنْ شاءَ مِنهما، ويَستقِرُّ ذلك على الغاصِبِ، وإنِ استُحِقَّتْ بعدَ أنِ اقتَسَماها وأكَلاها فلربِّها تَضمينُ مَنْ شاءَ مِنهما، فإنْ ضَمِنَ فلَه تَضمينُه الكلَّ، ولَه تَضمينُه قَدْرَ نَصيبِه، ويَضمَنُ العامِلُ قَدْرَ نَصيبِه، لأنَّ


(١) «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٥/ ٣٢٦)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢٣٤).
(٢) «روضة الطالبين» (٣/ ٧٨٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٧٦)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣١٣)، و «الديباج» (٢/ ٤٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>