للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ كانَتْ حِصَّةُ أحَدِهِما تَبلُغُ نِصابًا دونَ الآخَرِ فعلى مَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُه نِصابًا الزَّكاةُ دونَ الآخَرِ، يُخرِجُها بعدَ المُقاسَمةِ؛ إلَّا أنْ يَكونَ لِمَنْ لَم تَبلُغْ حِصَّتُه نِصابًا ما يَتمُّ به النِّصابُ مِنْ مَواضِعَ أُخرى؛ فتَجِبُ عليهما جَميعًا الزَّكاةُ، وكذلك إنْ كانَ لِأحَدِهِما ثَمرٌ مَنْ جِنسِ حِصَّتِه يَبلُغانِ بمَجموعِهِما نِصابًا؛ فعليه الزَّكاةُ في حِصَّتِه.

قالَ ابنُ قُدامةَ : وإنْ كانَ أحَدُ الشَّريكَيْنِ مِمَّنْ لا زَكاةَ عليه كالمُكاتِبِ والذِّميِّ فعلى الآخَرِ زَكاةُ حِصَّتِه إنْ بَلَغَتْ نِصابًا، وبِهَذا كلِّه قالَ مالِكٌ والشافِعيُّ، وقالَ اللَّيثُ: إنْ كانَ شَريكُه نَصرانيًّا أعْلَمَه أنَّ الزَّكاةَ مُؤَدَّاةٌ في الحائِطِ، ثم قاسَمَه بعدَ الزَّكاةِ ما بَقيَ.

وَلَنا: أنَّ النَّصرانيَّ لا زَكاةَ عليه؛ فلا يُخرِجُ مِنْ حِصَّتِه شَيئًا، كَما لَوِ انفَرَدَ بها، وقَد رَوَى أبو داوُدَ في السُّنَنِ عن عائِشةَ قالَتْ: «كانَ النَّبِيُّ يَبْعَثُ عبدَ اللَّهِ بنَ رَوَاحَةَ فيَخْرُصُ النَّخْلَ حينَ يَطيبُ قبلَ أنْ يُؤْكَلَ منه، ثمَّ يُخَيِّرُ يَهُودَ يأْخُذُونَهُ بذلك الخَرْصِ أو يَدْفَعُونَهُ إلَيْهِمْ بذلك الخَرْصِ؛ لكي تُحْصَى الزَّكَاةُ قبلَ أنْ تُؤْكَلَ الثِّمَارُ وتُفرَّقَ» (١). قال جابِرٌ: «خَرَصَهَا ابنُ رَوَاحَةَ أَربَعِينَ ألفَ وَسقٍ، وزَعَم أنَّ اليَهُودَ لَمَّا خَيَّرَهُمُ ابنُ رَوَاحَةَ أخَذُوا الثَمرَ وَعليهمْ عِشرُونَ ألفَ وَسقٍ» (٢) (٣).

وذَهَبَ الإمامُ أبو حَنيفَةَ إلى أنَّ العُشرَ يَجِبُ في المُزارَعةِ على


(١) رواه أبو داود (٣٤١٣).
(٢) صَحِيحٌ الإِسنَاد: رواه أبو داود (٣٤١٥).
(٣) «المغني» (٥/ ٢٧٣)، و «البيان» (٧/ ٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>