للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِوَضٌ مَعلومٌ، وإنْ قالَ: «على أنَّ لَكَ مِنْ النَّوعِ الفُلانيِّ النِّصفَ، ومِنَ الفُلانيِّ الثُّلُثَ، ومِنَ الفُلانيِّ السُّدُسَ» فإنْ عَرفَ العامِلُ ورَبُّ المالِ قَدْرَ كلِّ واحِدٍ مِنْ الأنواعِ صَحَّ؛ لأنَّ لكلِّ واحِدٍ مِنهما سَهمًا مَعلومًا، وإنْ لَم يَعلَما ذلك أو أحَدُهما لَم يَصحَّ؛ لأنَّ نَصيبَ كلِّ واحِدٍ مِنهما يَقِلُّ ويَكثُرُ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: إذا كانَ في البُستانِ شَجرٌ مِنْ أجناسٍ كالتِّينِ والزَّيتونِ والكَرْمِ والرُّمَّانِ فشرطَ لِلعاملِ مِنْ كلِّ جِنسٍ قَدْرًا كَنِصفِ ثَمرِ التِّينِ وثُلُثِ الزَّيتونِ ورُبُعِ الكَرْمِ وخُمُسِ الرُّمَّانِ، أو كانَ فيه أنواعٌ مِنْ جِنسٍ فشرطَ مِنْ كلِّ نَوعٍ قَدْرًا، وهُما يَعلَمانِ قَدْرَ كلِّ نَوعٍ، صَحَّ؛ لأنَّ ذلك كَأربَعةِ بَساتينَ، ساقاهُ على كلِّ بُستانٍ بقَدْرٍ مُخالِفٍ لِلقَدْرِ المَشروطِ مِنْ الآخَرِ، وإنْ لَم يَعلَما قَدْرَه أو لَم يَعلَمْ أحَدُهما لَم يَجُزْ؛ لأنَّه قد يَكونُ أكثَرُ ما في البُستانِ مِنْ النَّوعِ الذي شرطَ فيه القَليلَ، أو أكثَرُه ممَّا شرطَ فيه الكَثيرَ.

وَلَو قالَ: «ساقَيتُكَ على هَذَيْنِ البُستانَيْنِ بالنِّصفِ مِنْ هذا والثُّلُثِ مِنْ هَذا» صَحَّ؛ لأنَّها صَفقةٌ واحِدةٌ، جَمَعَتْ عِوَضَيْنِ، فصارَ كَأنَّه قالَ: «بِعتُكَ دارَيَّ هاتَيْنِ هذه بألفٍ وهذه بمِئةٍ»، وإنْ قالَ: «بالنِّصفِ مِنْ أحَدِ البُستانَيْنِ والثُّلُثِ مِنْ الآخَرِ» لَم يَصحَّ؛ لأنَّه مَجهولٌ، لا يَدري أيُّهما الذي يَستَحقُّ نِصفَه، وأيُّهما الذي يَستَحقُّ ثُلُثَه.

وَلَو ساقاه على بُستانٍ واحِدٍ نِصفُه هذا بالنِّصفِ ونِصفُه هذا بالثُّلُثِ وهُما مُتمَيِّزانِ صَحَّ؛ لأنَّهما كَبُستانَيْنِ (٢).


(١) «البيان» (٧/ ٢٦٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٦٧).
(٢) «المغني» (٥/ ٢٢٩)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٢٩)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٥٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>