للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الآخَرِ بشَيءٍ؛ لأنَّه عَمِلَ بأمرِ الأولِ، فلَو رَجعَ عليه لَرَجعَ هو عليه أيضًا؛ فلا يُفيدُ، وإنِ اختارَ تَضمينَ الآخَرِ يَرجِعُ على الأولِ؛ لأنَّه غرَّه في هذا العَقدِ؛ فيَرجِعُ عليه بضَمانِ الغَررِ، وهو ضَمانُ السَّلامةِ.

هَذا إذا لَم يَقُلْ لَه: «اعمَلْ فيه برَأيِك» فأمَّا إذا قالَ وشرطَ النِّصفَ فدفعَه إلى رَجلٍ آخَرَ بثُلُثِ الخارِجِ، فهو جائِزٌ؛ لِمَا ذَكَرْنا، وما خَرجَ مِنْ الثَّمرِ فنِصْفُه لِربِّ النَّخلِ، والسُّدُسُ لِلعاملِ الأولِ؛ لأنَّ شَرطَ الثُّلُثِ يَرجِعُ إلى نَصيبِه خاصَّةً؛ لأنَّ العَملَ واجِبٌ عليه، فبَقيَ له السُّدُسُ ضَرورةً.

وَذكرَ مُحمَّدٌ في «الأصلِ»: أنَّه إذا لَم يَقُلْ لَهُ: «اعمَلْ فيه برَأيِكَ» وشرطَ له شَيئًا مَعلومًا، وشرطَ الأولُ لِلثَّاني مثلَ ذلك، فهُما فاسِدانِ، ولا ضَمانَ على العامِلِ الأولِ (١).

وأمَّا الحَنابِلةُ؛ فقالَ ابنُ قُدامةَ : وإذا ساقَى رَجُلًا أو زارَعَه، فعامَلَ العامِلُ غيرَه على الأرضِ والشَّجرِ، لَم يَجُزْ ذلك، وبِهَذا قالَ أبو يُوسفَ وأبو ثَورٍ، وأجازَه مالِكٌ إذا جاءَ برَجُلٍ أمينٍ.

وَلَنا: أنَّه عامِلٌ في المالِ بجُزءٍ مِنْ نَمائِه، فلَم يَجُزْ أنْ يُعامِلَ غيرَه فيه، كالمُضارِبِ، ولأنَّه إنَّما أذِنَ له في العَملِ فيه، فلَم يَجُزْ أنْ يَأذَنَ لِغَيرِه، كالوَكيلِ.

فَأمَّا إنِ استَأجَرَ أرضًا فلَه أنْ يُزارِعَ غيرَه فيها؛ لأنَّها صارَتْ مَنافِعُها مُستَحقَّةً لَه، فملكَ المُزارَعةَ فيها، كالمالِكِ، والأُجرةُ على المُستَأجِرِ دونَ المُزارِعِ، كَما ذَكَرْنا في الخَراجِ.


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٨٧، ١٨٨)، و «ابن عابدين» (٨/ ٣٣٧)، و «درر الحكام» (٣/ ٥٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>