وكذلك إذا رَبِح المالُ ثم أخَذَ رَبُّ المالِ بَعضَ المالِ كان ما أخَذَه رَبُّ المالِ مِنَ الرِّبحِ ورأسِ المالِ، فلو كان رأسُ المالِ مِئةً فرَبِح عِشرينَ فأخَذَها رَبُّ المالِ فقد أخَذَ سُدسَه فيَنقُصُ المالُ وهو مِئةٌ، سُدسُه سِتةَ عَشَرَ وثُلثانِ، وقِسطُها مِنَ الرِّبحِ ثلاثةٌ وثُلثٌ، صارَ رأسُ المالِ، ثَلاثةً وثَمانينَ وثُلثًا، ولو كان أخَذَ سِتِّينَ لَصار رأسُ المالِ خَمسينَ؛ لأنَّه أخَذَ نِصفَ المالِ فصارَ نِصفَ المالِ، وإنْ أخَذَ خَمسينَ تَبَقَّى ثَمانيةٌ وخَمسونَ وثُلثٌ؛ لأنَّه أخَذَ رُبعَ المالِ وسُدسَه فيَبقَى ثُلثُه ورُبعُه وهو ما ذَكَرنا.
ومهما بَقيَ العَقدُ على رأسِ المالِ وجَب جَبرُ خُسرانِه مِنْ رِبحِه، وإنِ اقتَسَما الرِّبحَ؛ لأنَّها مُضاربةٌ واحِدةٌ وتَحرُمُ قِسمةُ الرِّبحِ والعَقدُ باقٍ إلا باتِّفاقِهما على قِسمَتِه؛ لأنَّه مع امتِناعِ رَبِّ المالِ وِقايةً لِرأسِ مالِه؛ لأنَّه لا يأمَنُ الخُسرانَ فيَجبُرُه بالرِّبحِ ومع امتِناعِ العامِلِ لا يأمَنُ أنْ يَلزَمَه رَدُّ ما أخَذَ في وَقتٍ لا يَقدِرُ عليه، فلا يُجبَرُ واحِدٌ منهما، قال الإمامُ أحمَدُ وقد سُئِلَ عن المُضارِبِ يَربَحُ ويَضعُ مِرارًا: يَرِدُّ الوَضيعةَ على الرِّبحِ إلا أنْ يَقبِضَ رأسَ المالِ صاحِبُه ثم يَرُدَّه إليه فيَقولَ: اعمَلْ به ثانيةً فما رَبِحَ بعدَ ذلك لا يَجبُرُ به وَضيعةَ الأولِ؛ لأنَّه مُضاربةٌ أُخرى، قال: فهذا ليس في نَفْسي منه شَيءٌ، وأمَّا ما لا يُدفَعُ إليه فمَتى يَحتَسِبا حِسابًا كالقَبضِ كما قال ابنُ سِيرينَ، قيلَ: وكيف يَكونُ حِسابًا كالقَبضِ؟ قال: يَظهَرُ المالُ، يَعني يَنِضُّ ويَجيءُ فيَحتَسِبان عليه؛ وإنْ شاءَ صاحِبُه قبَضه، قيلَ لِلإمامِ: فيَحتَسبانِ على المَتاعِ؟ قال: لا يَحتَسبان إلا على الناضِّ؛ لأنَّ المَتاعَ قد يَنحَطُّ سِعرُه ويَرتَفِعُ. انتَهى.