عَملُه، ولَم يُخلِّفْ أصلًا يَبني عليه وارِثُه، بخِلافِ ما إذا مات رَبُّ المالِ؛ فإنَّ المالَ المُقارَضَ عليه مَوجودٌ ومَنافِعَه مَوجودةٌ فأمكَن استِدامةُ العَقدِ وبِناءُ الوارِثِ عليه.
وعلى الأولِ يَدفَعُ العَرضَ إلى الحاكِمِ فيَبيعَه ويُقسِّمَ الرِّبحَ على ما شرَطا عندَ ابتِداءِ المُضاربةِ، ولا يَبيعُه أحَدُهما بغَيرِ إذنِ الآخَرِ؛ لِاشتِراكِهما فيه (١).
وقال المالِكيَّةُ: لا يَنفسِخُ عَقدُ القِراضِ بمَوتِ العامِلِ؛ وإنَّما لَم يَنفسِخِ ارتِكابًا لِأخَفِّ الضَّررَيْن، وهُما ضَررُ الوَرثةِ في الفَسخِ، وضَررُ رَبِّه في إبقائِه عِندَهم ولا شَكَّ أنَّ ضَرَرَ الوَرثةِ بالفَسخِ أشَدُّ لِضَياعِ حَقِّهم في عَملِ مُورِّثِهم.
فإنْ ماتَ العامِلُ قَبلَ نُضوضِ المالِ وله وارِثٌ أمينٌ، ولو كان دونَ أمانةِ مُورِّثِهم أنْ يُكمِلَه على حُكمِ ما كان مُورِّثُه؛ فإنْ لَم يَكُنْ أمينًا فعَليه أنْ يأتيَ بأمينٍ، كالمَيِّتِ في الأمانةِ والثِّقةِ؛ فإنْ لَم يَجِدْ أمينًا سلَّم الوَرثةُ المالَ لِرَبِّه هَدرًا، أي: بغَيرِ شَيءٍ مِنْ رِبحٍ أو أُجرةٍ؛ لأنَّ عَملَ القِراضِ كالجُعلِ لا يَستحِقُّ العامِلُ فيه شَيئًا إلا بتَمامِ العَملِ.
وهذا إذا مات العامِلُ بعدَ الشُّروعِ في العَملِ؛ فإنْ ماتَ قَبلَ أنْ يَعملَ فيه فالمالُ لِصاحِبِه.
(١) «المغني» (٥/ ٣٩)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦١١، ٦١٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٨٤).