رَبُّ المالِ لَم يَجُزْ لِلعامِلِ أنْ يَبيعَ وأنْ يَشتريَ إلا بإذنِ الوَرثةِ، فظاهِرُ هذا بَقاءُ العامِلِ على قِراضِه؛ لأنَّ هذا إتمامٌ لِلقِراضِ لا ابتداءٌ له، ولأنَّ القِراضَ إنَّما مُنِعَ في العُروضِ؛ لأنَّه يَحتاجُ عندَ المُفاصَلةِ إلى رَدِّ مِثلِها أو قِسمَتِها، ويَختلِفُ ذلك باختِلافِ الأوقاتِ، وهذا غَيرُ مَوجودٍ ههنا؛ لأنَّ رأسَ المالِ غَيرُ العُروضِ، وحُكمُه باقٍ، ألَا تَرى أنَّ لِلعامِلِ أنْ يَبيعَه لِيُسلِّمَ رأسَ المالِ ويُقسِّمَ البَقيَّةَ.
والوَجهُ الأولُ أقيَسُ؛ لأنَّ المالَ لو كان ناضًّا كان ابتِداءَ قِراضٍ، وكانت حِصَّةُ العامِلِ مِنَ الرِّبحِ شَركةً له يَختَصُّ بها دونَ رَبِّ المالِ، وإنْ كان المالُ ناضًّا بخَسارةٍ أو تَلفٍ كان رأسُ المالِ المَوجودِ منه حالَ ابتِداءِ القِراضِ، فلو جَوَّزنا ابتِداءَ القِراضِ ههنا وبِناءَهما على القِراضِ لَصارتْ حِصَّةُ العامِلِ مِنَ الرِّبحِ غَيرَ مُختَصَّةٍ به، وحِصَّتُهما مِنَ الرِّبحِ مُشتَركةً بينَهما، وحُسِبت عليه العُروضُ بأكثَرَ مِنْ قيمَتها فيما إذا كان المالُ ناقِصًا، وهذا لا يَجوزُ في القِراضِ بغَيرِ خِلافٍ، وكَلامُ أحمدَ يُحمَلُ على أنَّه يَبيعُ ويَشتري بإذنِ الوَرثةِ كبَيعِه وشِرائِه بعدَ انفِساخِ القِراضِ.
ولِلعامِلِ بَيعُ عُروضٍ، واقتِضاءُ دُيونٍ.
وإنْ كان المَيِّتُ -أو المَجنونُ ونَحوُه- هو العامِلَ، وأرادَ رَبُّ المالِ ابتِداءَ القِراضِ مع وارِثِه أو وَلِيِّه؛ فإنْ كان ناضًّا جازَ كما قُلنا فيما إذا ماتَ رَبُّ المالِ، وإنْ كان عَرضًا لَم يَجُزِ ابتِداءُ القِراضِ إلا على الوَجهِ الذي يَجوزُ ابتِداءُ القِراضِ على العُروضِ فيه، بأنْ تُقوَّمَ العُروضُ ويُجعَلَ رأسُ المالِ قيمَتَها يَومَ العَقدِ؛ لأنَّ الذي كان منه العَملُ قد ماتَ أو جُنَّ وذهَب