رجَع رأسُ المالِ إلى ذلك المُتبَقِّي بعدَ المُسترَدِّ؛ لأنَّه لَم يَترُكْ في يَدِه غَيرَه فصارَ كما لو اقتَصَر في الابتِداءِ على إعطائِه له، فلو كان مِئةً فاستَردَّ عَشَرةً، صارَ رأسُ المالِ تِسعينَ؛ لأنَّه لَم يَبْقَ في يَدِه غَيرُه.
وإنِ استَردَّ المالِكُ بغَيرِ رِضا العامِلِ بعدَ ظُهورِ الرِّبحِ فالمُسترَدُّ منه شائِعٌ رِبحًا ورأسَ مالٍ؛ لِعَدمِ التَّمييزِ، وذلك على النِّسبةِ الحاصِلةِ مِنْ جُملةِ الرِّبحِ، ورأسُ المالِ لا يَلحَقُه حُكمُ المُتبَقِّي لاستِقرارِ مِلكِ العامِلِ على ما يَخُصُّه مِنَ الرِّبحِ بحَسَبِ الشَّرطِ فلا يَسقُطُ بما يَحصُلُ مِنَ الخُسرانِ بعدَه.
أمَّا إذا كان الاستِردادُ برِضا العامِلِ؛ فإنْ قصَد هو والمالِكُ الأخذَ مِنَ الأصلِ اختَصَّ به، أو مِنَ الرِّبحِ فكذلك، لكنْ يَملِكُ العامِلُ مما بيَدِه مِقدارَ ذلك على الإشاعةِ، وإنْ أطلَقا حُمِل على الإشاعةِ، وحينَئذٍ الأشبَهُ -كما قال ابنُ الرِّفعةِ- أنْ تَكونَ حِصَّةُ العامِلِ قَرضًا، نقَلَه عنه الإسنَويُّ وأقَرَّه، ثم قال: وإذا كان الاستِردادُ بغَيرِ رِضاه، لا يَنفُذُ تَصرُّفُه في نَصيبِه، وإنْ لَم يَملِكْه بالظُّهورِ.
مِثالُه: رأسُ المالِ مِئةٌ مِنَ الدَّراهِمِ والرِّبحُ عِشرونَ منها، واستَرَدَّ المالِكُ مِنْ ذلك عِشرينَ فالرِّبحُ في هذا المِثالِ سُدسُ جَميعِ المالِ، وحينَئِذٍ يَكونُ المُسترَدُّ -وهو العِشرونَ- سُدسَه، وهو ثَلاثةُ دَراهِمَ وثُلثٌ، يُحسَبُ مِنَ الرِّبحِ فيَستقِرُّ لِلعامِلِ المَشروطُ منه، وهو دِرهمٌ وثُلثانِ، إنْ شُرِط له نِصفُ الرِّبحِ.
وبَقيَّتُه -أي: المُسترَدِّ- هو سِتَّةَ عَشَرَ وثُلثانِ مِنْ رأسِ المالِ، فيَعودُ رأسُ المالِ إلى ثلاثةٍ وثَمانينَ وثُلثٍ، فلو عادَ ما في يَدِه إلى ثَمانينَ لَم يَسقُطْ