وذهَب الحَنابِلةُ في المَذهبِ والشافِعيَّةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ إلى أنَّ القَولَ قَولُ رَبِّ المالِ مع يَمينِه إذا لَم تُوجدْ بَيِّنةٌ؛ لأنَّ العامِلَ قبَض المالَ لِنَفعِ نَفْسِه، فلَم يُقبَلْ قَولُه في رَدِّه كالمُستَعيرِ، ولأنَّ رَبَّ المالِ مُنكِرٌ، والقَولَ قَولَ المُنكِرِ، ولأنَّ المُضاربَ لَم يَقبِضْ رأسَ المالِ إلا لِنَفعِ نَفْسِه ولَم يأخُذْه لِنَفعِ رَبِّ المالِ (١).
وقال المالِكيَّةُ: القَولُ قَولُ العامِلِ أنَّه رَدَّ مالَ المُضاربةِ إلى رَبِّه مع رِبحِه حيث قبَضه بغَيرِ بَيِّنةٍ، وإلا بأنْ قبَضه ببَيِّنةٍ فلا بُدَّ مِنْ بَيِّنةٍ تَشهَدُ له بالرَّدِّ على المَشهورِ؛ لأنَّ القاعِدةَ أنَّ كلَّ شَيءٍ أُخِذ بالإشهادِ لا يُبرأُ منه إلا بالإشهادِ، ولا بُدَّ أنْ تَكونَ البَيِّنةُ مَقصودةً لِلتَّوثُّقِ، وهي التي يُشهِدُها الدافِعُ على القابِضِ خَوفَ الجُحودِ، فلو أشهَدَها القابِضُ بغَيرِ حُضورِ رَبِّ المالِ أو أشهَدَها رَبُّ المالِ، لا لِخَوفِ الجُحودِ، فكما لو كان القَبضُ بلا بَيِّنةٍ، والظاهِرُ أنَّه يُقبَلُ قَولُ الدافِعِ في أنَّ إشهادَه لِخَوفِ الجُحودِ، ثم إنَّه لا بُدَّ مِنْ حَلِفِه على دَعوى الرَّدِّ، وإنْ لَم يَكُنْ مُتَّهمًا اتِّفاقًا.
وهذا فيما إذا ادَّعى العامِلُ رَدَّ رأسِ المالِ ورِبحِه، أو ادَّعى رَدَّ رأسِ المالِ وحِصةِ رَبِّ المالِ مِنَ الرِّبحِ، حيث كان فيه رِبحٌ.
(١) «البيان» (٧/ ٢٣٣)، و «المهذب» (١/ ٣٩٦)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٧٦٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٦١)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٧٨)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٨٥)، و «الديباج» (٢/ ٤٤٢)، و «المغني» (٥/ ٤٥)، و «الكافي» (٢/ ٢٨٢)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٥٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦١٣)، و «مجمع الضمانات» (٢/ ٦٦٢).