للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحَنفيَّةُ: لو خلَط المُضارِبُ مالَ المُضارَبةِ بمالِه أو بمالِ غَيرِه لِيَعملَ بهما يَضمَنُ؛ لأنَّه يُوجِبُ في مالِ رَبِّ المالِ حَقًّا لِغَيرِه فلا يَجوزُ إلا بإذنِه؛ فإنْ أذِنَ له أو قال له: اعمَلْ فيه برأيكَ فله أنْ يَخلِطَه بمالِه أو بمالِ غَيرِه.

فإذا خلَط المُضارِبُ مالَ المُضاربةِ بمالِه وقد أذِنَ له رَبُّ المالِ أو فَوَّض الأمرَ إليه يُقسَّمُ الرِّبحُ الحاصِلُ على مِقدارِ رأسَيِ المالِ، أي أنَّه يأخُذُ رِبحَ رأسِ مالِه خاصَّةً؛ لأنَّه رِبحُ مالِه، ويُقسَّمُ مالُ المُضاربةِ بينَه وبينَ رَبِّ المالِ على الوَجهِ الذي شرَطاه.

مَثلًا: لو أعطى رَبُّ المال خَمسينَ دينارًا مُضاربةً لِآخرَ بنِصفِ الرِّبحِ، وخلَط المُضارِبُ مالَ المُضاربةِ المَذكورِ بمِئةِ دينارٍ له ورَبِح ثَلاثينَ، تَكونُ عِشرونَ دِينارًا منها رِبحَ رأسِ مالِه، وتَكونُ لِلمُضارِبِ خاصَّةً، وتَكونُ الدَّنانيرُ العَشَرةُ الباقيةَ رِبحَ مالِ المُضاربةِ، فيَقتَسِمُها مع رَبِّ المالِ مُناصَفةً (١).

وقال المالِكيَّةُ: يَجوزُ لِلعامِلِ أنْ يَخلِطَ مالَ القِراضِ بغَيرِه، وإنْ بمالِه إنْ كان المالُ المَخلوطُ والمَخلوطُ به مِثليًّا؛ لأنَّ كَثرةَ المالِ تُحَصِّلُ الرِّبحَ الكَثيرَ.

وخَلطُ مالِ القِراضِ هو الصَّوابُ إنْ خافَ العامِلُ بتَقديمِ أحدِ المالَيْن في البَيعِ والشِّراءِ رُخصًا لِلمالِ الآخَرِ، أي بأنْ خافَ العامِلُ بتَقديمِ أحَدِهما


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٩٩، ١٠٠)، و «مجمع الضمانات» (٢/ ٦٦٠)، و «البحر الرائق» (٧/ ٢٦٤)، و «الفتاوى الهندية» (٤/ ٣٠٩)، و «درر الحكام» (٣/ ٤٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>