للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيرِ مُعيَّنٍ؛ لأنَّه لا يَعلَمُ أنَّه يَشتَري العَبدَ المَعيبَ لا مَحالةَ حتى يَكونَ عِلمُه دِلالةَ الرِّضا به، وهل له أنْ يأخُذَ بالشُّفعةِ في دارٍ اشتَراها أجنَبيٌّ إلى جَنبِ دارِ المُضارِبِ أو باعَ رَبُّ المالِ دارًا لِنَفْسِه، والمُضارِبُ شَفيعُها بدارٍ أُخرى مِنَ المُضارَبةِ، ففيه تَفصيلٌ (١).

قال المالِكيَّةُ: يَجوزُ لِلمُضارِبِ إذا اشتَرى شَيئًا ثم اطَّلَع فيه على عَيبٍ أنْ يَرُدَّه وإنْ أبى رَبُّ المالِ؛ لِتَعلُّقِ حَقِّ العاملِ بالزِّيادةِ، وهذا إذا كان الشِّراءُ ببَعضِ مالِ القِراضِ، فأمَّا إنِ اشتَرى بالجَميعِ سِلعةً ثم وجَد فيها عَيبًا فلِرَبِّ المالِ قَبولُ ذلك المَعيبِ بالثَّمنِ؛ لأنَّ مِنْ حُجَّةِ رَبِّ المالِ على العامِلِ أنْ يَقولَ له: أنتَ إذا رَدَدتَ ذلك نَضَّ المالُ، فلي أنْ آخُذَه؛ فإنْ كان الثَّمنُ عَرضًا لَم يَكُنْ له ذلك؛ لأنَّ العامِلَ يَرجو رِبحَه إذا عادَ في يَدِه، وزادَ بَعضُهم قَيدًا آخَرَ، وهو أنْ يأخُذَه رَبُّه لِنَفْسِه على وَجهِ المُفاضَلةِ لا البَيعِ (٢).

وقال الشافِعيَّةُ: لِلعامِلِ الرَّدُّ بعَيبٍ تَقتَضيه مَصلَحةٌ وإنْ رَضيَ المالِكُ؛ لأنَّ لِلعامِلِ حَقًّا في المالِ فلا يَمنَعُ منه رِضا المالِكِ، بخِلافِ الوَكيلِ؛ لأنَّه لا حَقَّ له في المالِ، ومَحَلُّه إذا ظَنَّ السَّلامةَ فبانَ مَعيبًا، وله شِراؤُه مع عِلمِه بعَيبِه إنْ رآه مُربِحًا.

فإنِ اقتَضَتِ المَصلَحةُ الإمساكَ لِلمَعيبِ لا يَرُدُّه العامِلُ في الأصَحِّ؛ لِإخلالِه بمَقصودِ العَقدِ.


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٩٠).
(٢) «الشرح الكبير» (٥/ ٢٩٢)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢١١)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥١٥)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>