للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ القَطَّانِ الفاسيُّ : وأجمَعَ الفُقهاءُ على أنَّ المُضارِبَ إذا باعَ بمِصرِه، ولَم يُسافِرْ بالمالِ إلى بَلدٍ آخَرَ، فليس له أنْ يَأكلَ منه على المُضاربةِ؛ إلَّا اللَّيثَ بنَ سَعدٍ؛ فإنَّه قال: له أنْ يَتغَدَّى منه إذا اشتغَل به عن الانقِلابِ إلى أهلِه لِلغَداءِ.

وإجماعُ الجُمهورِ على أنَّه لا يُنْفِقُ منه في الحَضرِ (١).

إلا أنَّ المالِكيَّةَ قالوا: هذا إذا لَم يَشغَلْه عن الوُجوهِ التي يَقتاتُ منها، وأمَّا إنْ شغَله فلَه الإنفاقُ كالمُسافِرِ؛ فإنْ كانت له صِناعةٌ يَقومُ منها عَيشُه أو تَجْرةٌ، فعَطَّل ما كان فيه لِأجلِ العَملِ بالقِراضِ كانت له النَّفقةُ كالذي يُسافِرُ به (٢).

وأجازَ الحَنابِلةُ والشافِعيَّةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ نَفقَتَه إذا كان هناك شَرطٌ أو عادةٌ، قالوا: ولا نَفَقةَ لِعامِلٍ مِنْ مالِ المُضاربةِ، ولو مع السَّفَرِ؛ لأنَّه دخَل على العَملِ بجُزءٍ فلا يَستحِقُّ غَيرَه، ولو استَحقَّه لَأفضَى إلى اختِصاصِه بالرِّبحِ إذا لَم يَربَحْ غَيرَها إلا بشَرطٍ كَوكيلٍ أو عادةٍ، كما نَصَّ على ذلك ابنُ تَيميَّةَ وابنُ القَيِّمِ، ويَصحُّ شَرطُها سَفرًا وحَضرًا؛ لأنَّها في مُقابَلةِ عَملِه؛ فإنْ شُرِطت نَفقةُ العامِلِ مُقدَّرةً فحَسَنٌ؛ قَطعًا لِلمُنازعةِ، وإنْ شُرِطت مُطلَقةً، واختلَفا؛ أي: تَشاحَّا في قَدْرِ النَّفقةِ؛ فلَه نَفقةُ مِثلِه عُرفًا مِنْ طَعامٍ وكِسوةٍ،


(١) «الإقناع» (٣/ ١٦٨٢) رقم (٣٣٠٤)
(٢) «تحبير المختصر» (٤/ ٥٢٤)، و «التبصرة» (١١/ ٥٢٤٧)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٨/ ٤٢٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>