للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التُّجارِ؛ لأنَّهم ربما تَمكَّنوا مِنَ الاقتِضاءِ مِنَ المُحالِ عليه أكثَرَ مما يَتمكَّنونَ مِنَ اقتِضاءِ المُحيلِ، وليس هذا كالوَصيِّ إذا احتالَ بمالِ اليَتيمِ؛ فإنَّه يُعتبَرُ فيه الأصلَحُ؛ لأنَّ تَصرُّفَه مُقيَّدٌ بشَرطِ النَّظرِ؛ فإنْ كان ذلك أصلَحَ جازَ، وإلا لَم يَجُزْ؛ لأنَّ الوَصيَّ يَتصرَّفُ لِليَتيمِ على وَجهِ الاحتِياطِ، فما لا احتياطَ فيه لا يَجوزُ، وتَصرَّفَ فيه المُضارِبُ على عادةِ التُّجارِ فيما اعتادوه جازَ (١).

وقال الحَنابِلةُ: حُكمُ المُضاربةِ حُكمُ الشَّركةِ فيما لِلعامِلِ أنْ يَفعلَه أو ألَّا يَفعلَه وما يَلزَمُه فِعلُه وفي الشُّروطِ؛ لأنَّ ما جازَ في إحداهما جازَ في الأُخرى لاشتِراكِهما في التَّصرُّفِ في الإذنِ، وكذا المَنعُ، أي: ما امتُنِعَ في إحداهما امتُنِع في الأُخرى. وقد قالوا: لِلشَّريكِ أنْ يُحيلَ ويَحتالَ؛ لأنَّ الحَوالةَ عَقدُ مُعاوَضةٍ، وهو يَملِكُها، فكذلك في المُضاربةِ (٢).

أمَّا المالِكيَّةُ فقد جاء في «المُدوَّنةِ»: قُلتُ: أرأيتَ لو أنَّ رَجُلًا أخَذَ مالًا قِراضًا فاشتَرى به وباعَ، فلَمَّا باعَ بَعضَ السِّلعةِ احتالَ بالثَّمنِ على رَجلٍ مَليءٍ أو مُعسِرٍ إلى أجَلٍ، أتُراه ضامِنًا؟ قال: قال مالِكٌ: إذا باعَ العامِلُ بالدَّينِ مِنْ غَيرِ أنْ يَأمُرَه رَبُّ المالِ بذلك فهو ضامِنٌ، فأُراهُ إذا احتالَ بذلك إلى أجَلٍ فهو ضامِنٌ، كمَن باعَ بالدَّينِ (٣).


(١) «العناية شرح الهداية» (١٢/ ١٧٨، ١٨٠)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٦٤، ٤٦٥)، و «اللباب» (١/ ٥٤٢)، و «مجمع الضمانات» (٦٥٤).
(٢) «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٥، ٥٩٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٥٣، ٥٦٨)، و «مطالب أولى النهى» (٣/ ٥٠٣).
(٣) «المدونة الكبرى» (١٢/ ١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>