للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدَينٍ بلا إذنِ رَبِّ المالِ يَضمنُ فيها لِلإمامِ مالِكٍ لا يَجوزُ لِلعاملِ أنْ يَبيعَ بالنَّسيئةِ إلا بإذنِ رَبِّ المالِ؛ فإنْ فعَل بغَيرِ إذنِه ضمِن، وهذا ما لَم يُشترَطْ في أصلِ العَقدِ، قال أبو الحَسَنِ؛ لأنَّ بُيوعَ المُسلِمين إنَّما هي بالنَّقدِ في الأغلَبِ؛ فإنْ وقَع عَقدُ القِراضِ مُبهمًا انصَرَف إلى العُرفِ. اه.

فيُؤخَذُ منه أنَّه إذا كان العُرفُ البَيعَ بالدَّينِ انصرَف المُبهمُ إليه، وهو ظاهِرٌ (١).

فإنْ باعَ بالدَّينِ فالرِّبحُ بينَهما والخَسارةُ عليه على المَشهورِ (٢).

قال ابنُ قُدامةَ : فإذا قُلنا: له البَيعُ نَساءً، فالبَيعُ صَحيحٌ، ومهما فاتَ مِنَ الثَّمنِ لا يَلزَمُه ضَمانُه، إلا أنْ يُفرِّطَ ببَيعِ مَنْ لا يُوثَقُ به، أو مَنْ لا يَعرِفُه، فيَلزمُه ضَمانُ الثَّمنِ الذي انكَسَر على المُشتَرِي.

وإنْ قُلنا: ليس له البَيعُ نَساءً فالبَيعُ باطِلٌ؛ لأنَّه فعَل ما لَم يُؤذَنْ له فيه، فأشبَهَ البَيعَ مِنَ الأجنَبيِّ، إلا على الرِّوايةِ التي تَقولُ: يَقِفُ بَيعُ الأجنَبيِّ على الإجازةِ، فههنا مِثلُه، ويَحتمِلُ قَولُ الخِرَقيِّ صِحَّةَ البَيعِ؛ فإنَّه إنَّما ذكَر الضَّمانَ، ولَم يَذكُرْ فَسادَ البَيعِ، وعلى كلِّ حالٍ يَلزَمُ العامِلَ الضَّمانُ؛ لأنَّ ذَهابَ الثَّمنِ حصَل بتَفريطِه؛ فإنْ قُلنا بفَسادِ البَيعِ ضمِن المَبيعَ بقيمَتِه إذا تَعذَّر عليه استِرجاعُه، إمَّا لِتَلفِ المَبيعِ أو امتِناعِ المُشتَرِي مِنْ رَدِّه إليه.


(١) «منح الجليل» (٧// ٣٤٨).
(٢) «الشرح الكبير» (٥/ ٢٩٥)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢١٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥١٩)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٢٤)، و «منح الجليل» (٧// ٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>