الثاني: أنَّ هذا ليس مِنْ مُقتَضى العَقدِ، وليس له فيه مَصلحةٌ، فأشبَهَ ما لو شرَطَ ألَّا يَبيعَ، وبَيانُه أنَّه ليس مِنْ مُقتَضى العَقدِ أنَّه يَقتَضي أنْ يَكونَ رأسُ المالِ ناضًّا؛ فإذا منَعه البَيعَ لَم يَنِضَّ.
الثالِثُ: أنَّ هذا يُؤدِّي إلى ضَررٍ بالعامِلِ؛ لأنَّه قد يَكونُ الرِّبحُ والحَظُّ في بَقيَّةِ المَتاعِ، ويَبيعُه بعدَ السَّنةِ فيَمتنِعُ ذلك بمُضِيِّها (١).
وقال الشافِعيَّةُ: لا يُشترطُ بَيانُ مُدةِ القِراضِ لأنَّهما قادِران على فَسخِ القِراضِ متى أرادا، فلو ذكَر مُدةً كشَهرٍ لَم يَصحَّ لِإخلالِ التَّأقيتِ بمَقصودِ القِراضِ، فقد لا يَربَحُ في المُدةِ وإنْ عَيَّنَ مُدةً كشَهرٍ، ومَنَعَه التَّصرُّفَ أو البَيعَ بعدَها فسَد العَقدُ؛ لِما مَرَّ أنَّه يُخِلُّ بمَقصودِ العَقدِ؛ فإنَّه قد لا يَجِدُ راغِبًا في المُدةِ ولا تَحصُلُ التِّجارةُ والرِّبحُ، ومع ذلك هو مُخالِفٌ لِمُقتَضى العَقدِ أيضًا؛ فإنَّ مُقتَضاه بعدَ الفَسخِ تَنضيضُ رأسِ المالِ، ومَنعُه مِنَ التَّصرُّفِ بعدَ المُدةِ يَمنَعُ مِنْ ذلك.
وإنْ منَعه الشِّراءَ فَقطْ كأنْ قال:«لا تَشتَرِ بعدَها ولكَ البَيعُ»، فلا يَفسُدُ البَيعُ في الأصَحِّ لِحُصولِ الاستِرباحِ بالبَيعِ الذي له فِعلُه بَعدَ الشَّهرِ، ولأنَّ المالِكَ مُتمكِّنٌ مِنْ مَنعِه مِنَ الشِّراءِ في كلِّ وَقتٍ، فجازَ أنْ يَتعرَّضَ له في العَقدِ بخِلافِ المَنعِ مِنَ البَيعِ.