للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال منها: سألتُ أحمدَ عن رَجلٍ أعطى رَجلًا ألفًا مُضاربةً شَهرًا؛ فإذا مَضى شَهرٌ تَكونُ قَرضًا، قال: لا بأسَ به، قُلتُ: فإذا جاءَ الشَّهرُ وهي مَتاعٌ قال: إذا باعَ المَتاعَ يَكونُ قَرضًا (١).

وذهَب المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في قَولٍ، وحَكاه الطَّحاويُّ عن الحَنفيَّةِ وخَطَّأه الكاسانيُّ إلى أنَّه لا يَجوزُ تَوقيتُ المُضاربةِ بوَقتٍ بأنْ يُقارضَه إلى مُدةٍ مَعلومةٍ لا يَفسَخُها قَبلَها، ولا على أنَّه إذا انقَضتِ المُدةُ انفَسَخ العَقدُ، فلَم يَجُزْ أنْ يَبيعَ ما اشتَراه مِنَ المَتاعِ، ولا أنْ يَستأنِفَ شِراءَ غَيرِه، ومتى وقَع العَقدُ على ذلك كان فاسِدًا؛ لِما فيه مِنَ التَّحجيرِ الخارجِ عن سُنَّةِ القِراضِ، ولأنَّ القِراضَ مِنَ العُقودِ الجائِزةِ لكلِّ واحِدٍ منهما تَركُه لو شاءَ؛ فإذا شرَط الأجلَ فكأنَّما منَع نَفْسَه مِنْ تَركِه، وذلك غَيرُ جائِزٍ؛ لأنَّه كالوَكالةِ، وهو مُتضمِّنٌ لِمَعناها؛ لأنَّ المالَ لِلمالِكِ، وإنَّما يَتصرَّفُ العامِلُ فيه لِطَلبِ الفَضلِ فيه والنَّماءِ نِيابةً عن المالِكِ، والقَدرُ الذي يَفترِقان فيه أنَّ التَّوكيلَ لا يَتضمَّنُ شَركةَ الوَكيلِ لِلمُوكِّلِ في الرِّبحِ، والقِراضُ يَتضمَّنُ ذلك؛ فإذا ثبَت ذلك صَحَّ أنَّه مِنَ العُقودِ الجائِزةِ، فيَجِبُ أنْ يَكونَ ما أخرَجه إلى اللُّزومِ باطِلًا؛ لأنَّه يُخرِجُه عن بابِه وأصلِه، وتَوقيتُه يَقتَضي اللُّزومَ، فوجَب فَسادُه؛ فإذا وقَع رُدَّ إلى قِراضِ مِثلِه عن المالِكيَّةِ (٢).


(١) «المغني» (٥/ ٤٠، ٤١)، و «المبدع» (٥/ ٢١)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٣٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٦٩).
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ١٧٨) رقم (١٠٢٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٢٨٤)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤١٢)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٠٨)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢٠٦)، و «الشرح الصغير» (٨/ ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>