للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو سلَّمَ رأسَ المالِ إلى رَبِّ المالِ، ولَم يَشترِطْ عَملَه ثم استَعانَ به على العَملِ أو دفَع إليه المالَ بِضاعةً جازَ؛ لأنَّ الاستِعانةَ لا تُوجِبُ خُروجَ المالِ عن يَدِه، وسَواءٌ كان المالِكُ عاقِدًا أو غَيرَ عاقِدٍ لا بُدَّ مِنْ زَوالِ يَدِ رَبِّ المالِ عن مالِه لِتَصحَّ المُضاربةُ حتى إنَّ الأبَ أو الوَصيَّ إذا دفَع مالَ الصَّغيرِ مُضاربةً وشَرطَ عَملَ الصَّغيرِ لَم تَصحَّ المُضاربةُ؛ لأنَّ يَدَ الصَّغيرِ باقيةٌ لِبَقاءِ مِلكِه، فتَمنَعُ التَّسليمَ.

أمَّا لو شرَطا -الأبُ والوَصيُّ- العَملَ مع المُضاربِ صَحَّ؛ لأنَّهما ليسا بمالِكَيْن لِلمالِ، فصارا كالأجنبِيَّين؛ لأنَّ لِكلِّ واحِدٍ منهما أنْ يأخُذَ مال الصَّغيرِ مُضاربةً (١).

وقال المالِكيَّةُ: إذا اشتَرط رَبُّ المالِ على العامِلِ أنْ تَكونَ يَدُه معه في المالِ بالبَيعِ والشِّراءِ والأخْذِ والعَطاءِ فيما يَتعلَّقُ بالقِراضِ، أو اشتَرَط عليه أنْ يُراجِعَه فيما يَفعَلُ بحيث لا يَعملُ عَملًا فيه إلا بإذنِه، أو جعَل معه أمينًا؛ فإنَّه يَكونُ فاسِدًا؛ لِما فيه مِنَ التَّحجيرِ عليه والتَّضييقِ، وهو مُخالِفٌ لِسُنَّةِ القِراضِ، ويُرَدُّ العامِلُ فيه إلى أُجرةِ مِثلِه؛ لأنَّه لَمَّا لَم يأتَمِنِ العاملَ على مالِ القِراضِ وجعَل معه أمينًا صارَ العامِلُ شَبيهًا بالأجيرِ، فلِهذا كانت له أُجرةُ مِثلِه (٢).


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٨٤، ٨٥)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٨٩)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٤٥)، و «اللباب» (١/ ٥٤١).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٢٨٥، ٢٨٦)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢٧٠)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٠٩، ٥١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>