وهو -كما قيلَ- رُخصةٌ خارجةٌ عن قياسِ الإجاراتِ، كما خَرجَت المُساقاةُ عن بَيعِ ما لَم يُخلَقْ، والحَوالةُ عن بَيعِ الدَّينِ بالدَّينِ، والعَرايا عن المُزابَنةِ (١).
لكنْ ذهَب ابنُ تَيميَّةَ وابنُ القَيِّمِ إلى أنَّ المُضاربةَ على وَفقِ القياسِ وليست مُخالِفةً لِلقياسِ، وعلى وَفقِ القياسِ؛ لأنَّها مِنْ جِنسِ المُشارَكاتِ، لا مِنْ جِنسِ الإجاراتِ.
قال ابنُ تَيميَّةَ ﵀: فالذين قالوا: المُضاربةُ والمُساقاةُ والمُزارعةُ على خِلافِ القياسِ، ظَنُّوا أنَّ هذه العُقودَ مِنْ جِنسِ الإجارةِ؛ لأنَّها عَملٌ بعِوَضٍ، ولأنَّ الإجارةَ يُشترطُ فيها العِلمُ بالعِوَضِ والمُعوَّضِ، فلَمَّا رَأوُا العَملَ في هذه العُقودِ غَيرَ مَعلومٍ، والرِّبحَ فيها غَيرَ مَعلومٍ، قالوا: تخالَف القياسُ، وهذا مِنْ غلَطِهم؛ فإنَّ هذه العُقودَ مِنْ جِنسِ المُشاركاتِ، لا مِنْ جِنسِ المُعاوضاتِ الخاصَّةِ التي يُشترطُ فيها العِلمُ بالعِوَضَيْن، والمُشارَكاتُ جِنسٌ غَيرُ جِنسِ المُعاوضةِ، وإنْ قيل: إنَّ فيها شَوبَ المُعاوَضةِ وكذلك المُقاسَمةُ جِنسٌ غَيرُ جِنسِ المُعاوضةِ الخاصَّةِ، وإنْ كان فيها شَوبُ مُعاوضةٍ حتى ظَنَّ بَعضُ الفُقهاءِ أنَّها بَيعٌ يُشترطُ فيها شُروطُ البَيعِ الخاصِّ، وإيضاحُ هذا أنَّ العَملَ الذي يُقصَدُ به المالُ ثَلاثةُ أنواعٍ: