ومَحلُّ هذا فيما قَبِلاه، ثم طرَأ مَرضُ أحَدِهما أو غَيبتُه بَعدَما قَبِلاه معًا، ومِثلُه إذا قَبِله أحَدُهما مع وُجودِ الآخَرِ أو في مَرضِه القَريبَيْن اللَّذَيْن يُلغَيانِ.
أمَّا ما قَبِله أحَدُهما بعدَ طُولِ غَيبةِ الآخَرِ أو طُولِ مَرضِه فالأُجرةُ الأصليَّةُ كلُّها له.
فإنْ كَثُرَ وتَفاحشَ وطالَ زَمنُ المَرضِ أو الغَيبةِ بأنْ زادَ على يَومَيْن -وقيلَ: على خَمسةٍ- فلا يُلغى عَملُه، ويَكونُ العامِلُ أحَقَّ به.
فإنِ اشتَركا وشرَطا على أنَّ مَنْ مَرِض منهما مَرضًا طَويلًا أو غابَ غَيبةً بَعيدةً يَكونُ ما عمِلَ الآخَرُ بينَهما؛ فإنَّ الشَّركةَ تَفسُدُ؛ فإنْ عَمِلا كان ما اشتَركا فيه بينَهما، وما انفَرد به أحَدُهما اختَصَّ بأُجرتِه دونَ الآخَرِ.
وهل يُلغى اليَومانِ مِنَ المُدَّةِ الطَّويلةِ كما تُلغى المُدةُ القَصيرةُ أو لا يُلغيانِ؟ الأوَّلُ قالَه بَعضُ القُرويِّينَ، والآخَرُ قاله اللَّخميُّ (١).
وجاء في «المُدَوَّنةِ» في الصانِعَيْن والشَّريكَيْن بعَملِ أيديهما يَمرَضُ أحَدُهما أو يَغيبُ:
قُلتُ: أرأيتَ لو أنَّ قَصارَيْن أو حَدادَيْن أو أهلَ الصِّناعاتِ كلَّهم، اشتَرَك أهلُ نَوعٍ على ما رزَق اللهُ بينَهما فمَرِض أحَدُهما وعمِل الآخَرُ؟
(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٢٧، ٢٨)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٥٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٦٠، ٢٦١)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٧٧)، و «التاج والإكليل» (٤/ ١٦٣)، و «البهجة في شرح التحفة» (٢/ ٣٥٤).