للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو دفَع دابَّةً إلى رَجلٍ لِيُؤاجِرَها على أنَّ الأجرَ بينَهما كان فاسِدًا والأجرَ لِصاحبِ الدَّابَّةِ ولِلآجِرِ أجرَ مِثلِه.

وكذلك السَّفينةُ والبَيتُ؛ لأنَّ الوَكالةَ على هذا الوَجهِ لا تَصحُّ، فلا تَصحُّ الشَّركةُ والأجْرُ لِصاحِبِ الدَّابَّةِ؛ لأنَّ العاقِدَ عَقدَ على مِلكِ غَيرِه بأمرِه، ويَكونُ لِلرَّجلِ أجرُ مِثلِه؛ لأنَّ صاحبَ الدَّابَّةِ استَوفى مَنافِعَها بعَقدٍ فاسِدٍ، ولو كان دفَع إليه الدَّابَّةَ لِيَبيعَ عليها الطَّعامَ على أنَّ الرِّبحَ بينَهما نِصفانِ، كان فاسِدًا، وكان الرِّبحُ لِصاحبِ المَتاعِ ولِصاحِبِ الدَّابةِ أجرُ مِثلِها.

وكذا البَيتُ؛ لأنَّ الكَسبَ حَصلَ بعَملِه، وقد استَوفى مَنفعةَ الدَّابَّةِ بعَقدٍ فاسِدٍ، فكان عليه أجرُها ولا يُشترطُ لِصِحَّةِ هذه الشَّركةِ اتِّفاقُ العَملِ، ويَجوزُ إنِ اتَّفَقت أعمالُهما أو اختلَفت، كالخَيَّاطِ مع القَصَّارِ، ونَحوِ ذلك، وهذا قَولُ أصحابِنا.

وقال زُفَرُ : لا تَجوزُ هذه الشَّركةُ إلا عندَ اتِّفاقِ الصَّنعةِ، كالقَصَّارينَ والخَيَّاطينَ بِناءً على أنَّ الشَّركةَ تَجوزُ بالمالَيْن المُختلفَيْن عندَنا، كذا بالعَملَيْن المُختلفَيْن، وعندَه لا تَجوزُ بالمالَيْن المُختلفَيْن، فكذا بالعَملَيْن المُختلفَيْن، والصَّحيحُ قَولُنا؛ لأنَّ استِحقاقَ الأجرِ في هذه الشَّركةِ بضَمانِ العَملِ، ولأنَّ العَملَ مَضمونٌ عليهما، اتَّفق العَملانِ أو اختلَفا، واللهُ ﷿ أعلَمُ (١).


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ٦٤، ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>