للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا سُنيَّتُه، فحَكاها ابنُ أبي زَيدٍ وابنُ يُونسَ وابنُ الجَلَّابِ وشهَرَه ابنُ بَزيزةَ.

وقد بيَّنتُ ذلك بفَضلِ اللهِ في كِتابِ الجَنائزِ وذكَرتُ سَببَ الخِلافِ هناك في المُجلَّدِ الثالِثِ.

ثم إنَّه ممَّا لا يَخفى أنَّ وُجوبَ الغُسلِ ليسَ على المَيتِ؛ لأنَّه قد رُفعَ عنه التَّكليفُ بالمَوتِ لقَولِه : «إذا ماتَ ابنُ آدَمَ انقطَعَ عَملُه … » رَواه مُسلمٌ، ولكنَّ الوُجوبَ يَتعلَّقُ بمَن حضَرَه من المُسلِمينَ، وهو فَرضٌ كِفائيٌّ، بحيث إذا قامَ به بَعضٌ سقَطَ عن الباقينَ؛ لحُصولِ المَقصودِ ببَعضٍ كسائِرِ الواجِباتِ على سَبيلِ الكِفايةِ (١).

ثم إنَّه إذا دُفنَ من غيرِ أنْ يُغسَّلَ، ولم يُهَلْ عليه التُّرابُ، فلا خِلافَ أنَّه يُخرجُ ويُغسَّلُ.

أمَّا بعدَه فذهَبَ الحَنفيةُ وهو قَولٌ للشافِعيةِ إلى أنَّه لا يُنبَشُ لأجلِ تَغسيلِه؛ لأنَّ النَّبشَ مُثلةٌ، وقد نُهيَ عنها، ولمَا فيه من الهَتكِ.

ويَرى المالِكيةُ والحَنابِلةُ وهو الصَّحيحُ عندَ الشافِعيةِ أنَّه يُنبشُ ويُغسَّلُ ما لم يَتغيَّرْ ويُخَفْ عليه أنْ يَتفسَّخَ (٢)، وسيَأتي بَيانُ ذلك مُفصَّلًا في الجَنائزِ إنْ شاءَ اللهُ.


(١) «رد المحتار» (١/ ٣٠٦)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٤٠٧)، و «مغني المحتاج» (١/ ٦٨)، و «كشاف القناع» (١/ ١٤٥)، و «منار السبيل» (١/ ٥١).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٥٨٢)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٢٣٤)، و «روضة الطالبين» (٢/ ١٤٠)، و «المغني» (٢/ ٥٥٣)، و «حاشية الجمل» (٢/ ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>