للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو بَيعُ نَصيبِ أحَدِهما بقِسطِه مِنْ نَصيبِ الآخَرِ، وتَوكيلُ أحَدِهما الآخَرَ في التَّصرُّفِ، وذلك لا يَفتقِرُ إلى تَساوي المالَيْن (١).

وأمَّا الحَنابِلةُ فشَركةُ المُفاوضةِ عندَهم على ضَربَيْن:

أحَدُهما: أنْ يُفوِّضَ كلُّ واحِدٍ منهما إلى صاحبِه الشِّراءَ أو البَيعَ والمُضاربةَ والتَّوكيلَ والابتياعَ في الذِّمَّةِ، والمُسافَرةَ بالمالِ، والارتِهانَ وضمانَ ما يَرى مِنَ الأعمالِ؛ فهذه شَركةٌ صَحيحةٌ؛ لأنَّها لا تَخرجُ عن شَركةِ العِنانِ والوُجوهِ والأبدانِ، وجَميعُها مَنصوصٌ على صِحَّتِها، والرِّبحُ على ما شرَطاه، والوَضيعةُ على قَدْرِ المالِ.

الضَّربُ الثاني: أنْ يُدخِلا فيها الأكسابَ النادِرةَ ونَحوَها، أو ما يَلزمُ أحَدَهما مِنْ ضَمانٍ أو كَفالةٍ أو غَصبٍ، أو ما يَجِدُه مِنْ رِكازٍ أو لُقطةٍ، بأنْ يَقولَ: أنتَ شَريكٌ لي في كلِّ ما يَحصُلُ لي بأيِّ جِهةٍ كانت مِنْ إرْثٍ وغَيرِه، فهذه شَركةٌ فاسِدةٌ على الصَّحيحِ مِنَ المَذهبِ؛ لأنَّه عَقدٌ لا يَصحُّ بينَ الكافِرين ولا بينَ كافِرٍ ومُسلِمٍ، فلَم يَصحَّ بينَ المُسلِمينَ، كسائِرِ العُقودِ الفاسِدةِ، ولأنَّه عَقدٌ لَم يَرِدِ الشَّرعُ بمِثلِه، فلَم يَصحَّ، كما ذكَرنا، ولأنَّ فيه غَررًا، فلَم يَصحَّ كبَيعِ الغَررِ، وبَيانُ غَررِه: أنَّه يَلزمُ كلَّ واحِدٍ ما لَزمَ الآخَرَ، وقد يَلزَمُه شَيءٌ لا يَقدرُ على القيامِ به، وقد أدخَلا فيه الأكسابَ النادِرةَ.


(١) «المعونة» (٢/ ١٣٩، ١٤٢)، و «الإشراف» (٣/ ٧٠، ٧٢)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٩)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٤٢)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٤٣)، و «مواهب الجليل» (٤/ ١٤٦)، و «القوانين الفقهية» (١/ ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>