للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلإيفاءِ، والارتِهانَ يُرادُ لِلاستِيفاءِ، وهو يَملِكُ الإيفاءَ والاستيفاءَ، فملَك ما يُراد لهما، ولا فَرقَ بينَ مَنْ يَلي العَقدَ وغَيرِه؛ لِكونِ القَبضِ مِنْ حُقوقِ العَقدِ، وحُقوقُ العَقدِ لا تَختصُّ بالعاقِدِ، فكذلك ما يُرادُ له.

وذهَب الحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّه ليس له ذلك، لأنَّ فيه خَطرًا (١).

أمَّا الحَنفيَّةُ فقالوا: يَجوزُ لِأحدِ شَريكَيِ المُفاوَضةِ أنْ يَرهَنَ ويَرتهِنَ، واختلَفوا في شَريكَيِ العِنانِ هل يَجوزُ له ذلك أو لا؟

ففي بَعضِ نُسخِ مُختصَرِ القُدُوريِّ أنَّه أثبَت له الرَّهنَ والارتِهانَ، وهو أيضًا ما ذكَره الكاسانيُّ، حيث قال: وله أنْ يَرهَنَ متاعًا مِنَ الشَّركةِ بدَينٍ وجَب بعَقدِه، وهو الشِّراءُ، وأنْ يَرتهِنَ بما باعَه؛ لأنَّ الرَّهنَ إيفاءُ الدَّينِ، والارتِهانَ استِيفاؤُه، وهو يَملِكُ الإيفاءَ والاستِيفاءَ فيَملِكُ الرَّهنَ والارتِهانَ.

وأغلَبُ كُتُبِ الحَنفيَّةِ تَقولُ: إنَّه لا يَجوزُ لِشَريكِ العِنانِ أنْ يَرهَنَ أو يَرتهِنَ إلا بإذنِ شَريكِه (٢).

وأمَّا المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ فلَم أقِفْ لهم على حُكمِ الرَّهنِ والارتِهانِ لِأحدِ الشَّريكَيْن، وإنْ كان الظاهِرُ مِنْ مَذهَبِهم أنَّه لا يَجوزُ لِأحدِهما أنْ يَفعلَ ذلك إلا بإذنِ الآخَرِ.


(١) «المغني» (٥/ ١٤)، و «الفروع» (٤/ ٢٩٠)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٥٣).
(٢) «المبسوط» (١١/ ٢٠٢، ٢٠٣)، و «بدائع الصانع» (٦/ ٧٠)، «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٣٢)، و «مجمع الأنهر» (٢/ ٥٥٦)، و «درر الحكام» (٧/ ٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>