للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأثيرَ له؛ بدَليلِ أنَّهما لو تعاقَدا الشَّركةَ على مالٍ ولم يُعيِّناه لَم تَنعقِدْ، لأنَّ الشَّركةَ لا تَحصُلُ على مالٍ لَم تَثبُتْ أيديهما عليه، ولأنَّ كلَّ واحِدٍ مِنَ المالَيْن يَتلَفُ على مِلكِ صاحبِه، فلَم يَثبُتْ به شَركةٌ، أصلُه سائِرُ أموالِه، عَكسُه إذا خلَطاه، أو كانت أيديهما عليه، ولأنَّ كلَّ مالٍ في يَدِ صاحبِه كالشَّركةِ على الطَّعامِ، ولأنَّهم وافَقونا على أنَّ الخُسرانَ لا يَكونُ بينَهما، فكذلك يَجِبُ أنْ يَكونَ الرِّبحُ، بعِلَّةِ أنَّه أحَدُ نَوعَيِ الشَّركةِ.

ودَليلُنا على الشافِعيِّ: أنَّ أيديَهما ثابِتةٌ على المالَيْن كما لو خلَطاه (١).

لكنْ ذهَب المالِكيَّةُ في المَشهورِ -وهو قَولُ ابنِ القاسِمِ- إلى أنَّ الشَّركةَ تَلزمُ بالعَقدِ، أي: بما يَدلُّ عليها عُرفًا، سَواءٌ كان قَولًا، ك: «اشتَركْنا»، أو فِعلًا كخَلطِ المالَيْن، أو هُما معًا، وأمَّا القَولُ بأنَّ الخَلطَ شَرطٌ في لُزومِها فهو قَولُ سَحنونٍ، ودرَج عليه القاضي عَبدُ الوَهَّابِ في القَولِ الذي ذكَرتُه قَبلُ، وهو خِلافُ المَشهورِ.

وإنَّما الصَّحيحُ: أنَّ الخَلطَ شَرطٌ في الضَّمانِ، فما تَلِفَ من مالِ الشَّركةِ قبلَ الخَلطِ فمِن رَبِّه دونَ صاحبِه، إنْ كان مالُ الشَّركةِ مِثلِيًّا، كعَينٍ، وإلَّا بأنْ حصَل التَّلفُ بعدَ الخَلطِ، أو كان المالُ عَرضًا، فمنهما الضَّمانُ معًا، ولا يَختصُّ برَبِّ المالِ، ثم إذا تَلِف شَيءٌ قبلَ الخَلطِ -وقُلنا: ضَمانُه مِنْ رَبِّه فقط- فالشَّركةُ لَم تَنفسِخْ؛ لأنَّها لَازمةٌ بالعَقدِ.

ويَكونُ ما اشتَرى بالسالِمِ بينَهما على ما دخَلا عليه مِنْ مُناصَفةٍ أو


(١) «الإشراف» (٣/ ٦٧، ٦٨) رقم (٩٢٦)، و «المعونة» (٢/ ١٤٠، ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>