للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحِسابِ؛ لأنَّها عبارةٌ عن نُقصانِ رأسِ المالِ، وهو مُختصٌّ بالقَدْرِ، فيَكونُ النَّقصُ منه دونَ غَيرِه، وسَواءٌ كانتِ الوَضيعةُ لِتَلفٍ أو نُقصانٍ في الثَّمنِ أو غَيرِ ذلك (١).

وأمَّا المالِكيَّةُ فاختلَف النَّقلُ والتَّرجيحُ عِندَهم وسَببُ الخِلافِ هل الشَّركةُ تَلزمُ بالعَقدِ، سَواءٌ خُلِطَ المالُ أو لا، أو لا بُدَّ مِنْ خَلطِ المالَيْن ولو حُكمًا.

قال القاضي عبدُ الوَهَّابِ : لا تَصحُّ الشَّركةُ إذا انفَردَ كلُّ واحِدٍ بمالِ نَفْسِه مِنْ غَيرِ أنْ تَكونَ يَدُ الآخَرِ عليه حتى تَكونَ أيديهما عليه، بأنْ يَجعَلاه في تابوتِهما أو حانوتِهما، أو على يَدِ وَكيلِهما، فتَصحُّ حينَئذٍ الشَّركةُ، وإنْ لَم يَخلِطاه، وإنْ كانت أعيانُه مُتميِّزةً.

وقال أبو حَنيفةَ : تَصحُّ الشَّركةُ وإنْ كان مالُ كلِّ واحِدٍ منهما في يَدِه إذا عَيَّنا المالَ وأحضَراه، إلا أنَّه متى هلَك أحَدُ المالَيْن كان مِنْ رَبِّه إذا هلَك قبلَ الخَلطِ.

وقال الشافِعيُّ : لا تَصحُّ الشَّركةُ إلا أنْ يَخلِطا رأسَ المالِ حتى لا يَتميَّزَ بَعضُه عن بَعضٍ.

فدَليلُنا على أبي حَنيفةَ: أنَّ الشَّركةَ تَقتَضي تَساويهما في الاشتِراكِ بالمالِ، وإذا انفرَد أحَدُهما بثُبوتِ يَدِه عليه لَم تُوجَدْ حَقيقةُ الشَّركةِ؛ لأنَّهما على ما كانا عليه مِنَ انفِرادِ المالَيْن، فلَم يَحصُلْ منهما إلا القَولُ، ومُجرَّدُ القَولِ لا


(١) «المغني» (٥/ ١٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>