للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالجُعلِ، فلا بُدَّ مِنْ مُراعاةِ الشَّرطِ لِثُبوتِ الكَفالةِ، ولَمَّا لَم يَثبُتِ الشَّرطُ لَم يَستحِقَّ الجُعلَ، فلا تَثبُتُ الكَفالةُ، وكان بُطلانُها مِنْ هذا الوَجهِ، لا مِنْ حيث إنَّه شَرطٌ فاسِدٌ، بخِلافِ الهُبوبِ؛ لأنَّه شَرطٌ لا يَنتفِعُ به الكَفيلُ، وإذا خلا عن النَّفعِ لَم تَجبْ مُراعاتُه، كما لو شرَط في البَيعِ ما لا يَنتفِعُ به أحَدُهما، وإذا لَم يَثبُتْ كانت الكَفالةُ مُرسَلةً (١).

قال في «الشَّرحِ الصَّغيرِ»: وبطَل الضَّمانُ إذا فسَد مُتحمَّلٌ به … أو فسَدتِ الحَمالةُ نَفْسُها شَرعًا … كجُعلٍ لِلضامنِ مِنْ رَبِّ الدَّينِ، أو مِنَ المَدينِ أو مِنْ أجنَبيٍّ، وعِلَّةُ المَنعِ أنَّ الغَريمَ إنْ أدَّى الدَّينَ لِرَبِّه كان الجُعلُ باطِلًا، فهو مِنْ أكلِ أموالِ الناسِ بالباطِلِ، وإنْ أداه الحَميلُ لِرَبِّه ثم رجَع به على الغَريمِ، كان مِنَ السَّلفِ بزِيادةٍ، فتَفسُدُ الحَمالةُ، ويُردُّ الجُعلُ لِرَبِّه، ثم إنْ كان الجُعلُ مِنْ رَبِّ الدَّينِ لِلحَميلِ، سقَطتِ الحَمالةُ، والبَيعُ صَحيحٌ؛ لأنَّ المُشتَري لا غَرضَ له فيما فعَل البائِعُ مع الحَميلِ، كما لو كان الجُعلُ مِنَ المَدينِ أو مِنْ أجنَبيٍّ مع عِلمِ رَبِّ الدَّينِ؛ فإنْ لَم يَعلَمْ فالحَمالةُ لَازِمةٌ، ورَدَّ الجُعلَ، وإنْ كان الجُعلُ مِنْ رَبِّ الدَّينِ أو مِنْ أجنَبيٍّ لِلمَدينِ على أنْ يأتيَه بضامِنٍ فإنَّه جائِزٌ، فعُلِمَ أنَّ مَحلَّ البُطلانِ إذا كان الجُعلُ مِنْ أجنَبيٍّ لِلضامِنِ إذا عَلِم رَبُّ الدَّينِ، وإلا رَدَّ ولَزمتِ الحَمالةُ (٢).


(١) «الفتاوى البزازية» مطبوع بهامش الهندية (٦/ ١٨).
(٢) «الشرح الصغير» (٤/ ٥٨١، ٥٨٣) تأليف الشيخ: أبي العباس أحمد بن محمد الخلوتي، الشهير بالصاوي المالكي (المتوفى: ١٢٤١ هـ) طبعة دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان- الطبعة الأولي. ويُنظر: «حاشية الدسوقي» (٣/ ٢٩٨، ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>