للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَمالةَ الكَفالةُ بجُعلٍ يأخُذُه الحَميلُ، لا تَحِلُّ ولا تَجوزُ، واختلَفوا في ثُبوتِ الضَّمانِ على الشَّرطِ؛ فكان الثَّوريُّ يَقولُ: إذا قال الرَّجلُ لِلرَّجلِ: «اكفُلْ عنِّي ولكَ ألْفُ دِرهَمٍ»؛ فإنَّ الكَفالةَ جائِزةٌ، وتُردُّ إليه الألْفُ دِرهَمٍ … ، وقال أحمدُ في مَسألةِ الكَفالةِ: ما أرى هذا يأخُذُ شَيئًا بحَقٍّ، وقال إسحاقُ: ما أعطاه مِنْ شَيءٍ فهو حَسَنٌ (١)، ومُرادُ إسحاقَ ما أعطى عن طِيبِ نَفْسٍ دونَ شَرطٍ.

قال في «فَتحِ القَديرِ»: «وفي الخُلاصةِ: كفَل بمالٍ على أنْ يَجعلَ له الطالِبُ جُعلًا؛ فإنْ لَم يَكُنْ مَشروطًا في الكَفالةِ فالشَّرطُ باطِلٌ، وإنْ كان مَشروطًا فيها فالكَفالةُ باطِلةٌ» (٢).

قال في «البَزَّازيةِ» مُوضِّحًا السَّببَ في مَنعِ الأُجرةِ على الكَفالةِ: «كفَل بمالٍ على أنْ يَجعلَ له الطالِبُ جُعلًا؛ فإنْ لَم يَكُنْ مَشروطًا في الكَفالةِ فالشَّرطُ باطِلٌ، أي: الجُعلُ باطِلٌ والكَفالةُ جائِزةٌ؛ لأنَّ الكَفيلَ مُقرِضٌ في حَقِّ المَطلوبِ؛ فإذا شرَط الجُعلَ مع ضَمانِ المِثلِ فيها شَرطَ الزِّيادةِ على ما أقرَضه وأنَّه رِبًا، وإنْ شرَطها فيها بَطلَت الكَفالةُ، وكان يَنبَغي أنْ تَصحَّ الكَفالةُ لِعَدمِ بُطلانِها بالشَّرطِ، ألَا تَرى أنَّ الكَفالةَ إلى هُبوبِ الرِّيحِ تَصحُّ ويَبطُلُ الشَّرطُ».

قُلنا: إنَّما لا تَصحُّ؛ لأنَّه علَّقها بشَرطٍ لِلكَفيلِ فيه مَنفَعةٌ؛ لأنَّه مما يُنتفَعُ


(١) «الإشراف» (١/ ٨٣) بتحقيق محمد نجيب سراج الدين، رسالة في الأزهر.
(٢) «فتح القدير» (٧/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>