للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زُيوفًا تَجوَّز بها، رجَع على الأصيلِ بمِثلِ ما ضمِن، لا بمِثلِ ما أدَّى. وليس هذا كالمأمورِ بأداءِ الدَّينِ» (١).

وقال الإمامُ الكَرابيسيُّ : وإذا وهَب الطالِبُ المالَ لِلكَفيلِ فقَبِلَه، رجَع به الكَفيلُ على الذي عليه الأصلُ، وكذلك المُحتالُ عليه، ولو أبرأه لَم يَرجعْ به عليه.

والفَرقُ أنَّ الهِبةَ عَقدُ تَمليكٍ، بدَليلِ أنَّه لو صادَف عَينًا لِمِلكٍ أفادَ المِلكَ، فقد مَلَّكَه ما في ذِمَّتِه بالهِبةِ، فصارَ كما لو ملَكَه بالأداءِ، ولو ملَكَه بالأداءِ لَرجَع على صاحِبِ الأصلِ، كذلك هذا.

وليس كذلك الإبراءُ؛ لأنَّه ليس بتَمليكٍ، وإنَّما هو إسقاطٌ لِلحَقِّ، بدَليلِ أنَّه لو صادَف عَينًا لا يُفيدُ المِلكَ، فصارَ فَسخًا لِلكَفالةِ وإسقاطًا لَها، فكأنَّها لَم تَكُنْ، ولو لَم تَكُنْ لَم يَرجِعْ عليه بشَيءٍ، كذلك هذا (٢).

وقال الإمامُ النَّوَويُّ : فَرعٌ في كَيفيَّةِ الرُّجوعِ: فإنْ كان ما دفَعه رَبُّ الدَّينِ مِنْ جِنسِ الدَّينِ وعلى صِفتِه رجَع به … وإذا صالَح على غَيرِ الجِنسِ … يُنظَرُ؛ فإنْ كانت قيمةُ المُصالَحِ عليه أكثَرَ مِنْ قَدْرِ الدَّينِ لَم يَرجعْ بالزِّيادةِ، وإنْ لَم تَكُنْ أكثَرَ، كمَن صالَح عن ألْفٍ بعَبدٍ يُساوي تِسعَمِئةٍ، فوَجهانِ، وقيلَ: قَولانِ: أصَحُّهما: يَرجِعُ بالتِّسعِمِئةِ، والثاني: يَرجعُ بالألْفِ؛ فإنْ باعَه العَبدُ بألْفٍ، ثم تَقاصَّ، رجَع بالألْفِ بلا خِلافٍ، أمَّا إذا


(١) المصدر السابق (٦١٠).
(٢) «الفروق» (٢/ ٢٤٦) للإمام محمد بن الحسن الكرابيسي الحنفي. ويُنظر: «المبسوط» (٢٠/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>