للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحَدُهما: يَرجعُ كما لو أذِن في الأداءِ بهذا الشَّرطِ مِنْ غَيرِ ضَمانٍ.

والآخَرُ: لا يَرجعُ؛ لأنَّ الأداءَ مُستحَقٌّ بالضَّمانِ، والمُستحَقُّ بلا عِوَضٍ لا يَجوزُ مُقابَلتُه بعِوضٍ، كسائِرِ الحُقوقِ الواجِبةِ، قُلتُ: الاحتِمالُ الأولُ أصحُّ، واللهُ أعلَمُ (١).

وقال ابنُ قُدامةَ : ولنا: أنَّه أدَّى دَينَه بأمرِه، فرجَع عليه، كما لو لَم يَكُنْ ضامِنًا، أو كما لو ضمِن بأمرِه، وقَولُهم: إنْ إذِنه في القَضاءِ انصرَف إلى ما وجَب بضَمانِه.

قُلنا: الواجِبُ بضَمانِه إنَّما هو أداءُ دَينِه، وليس هو شَيئًا آخَرَ، فمَتى أدَّاه عنه بإذنِه لَزِمه إعطاؤُه بَدَلَه (٢).

الحالةُ الرابِعةُ: إذا ضمِن بغَيرِ أمرِه وقَضى دَينَه بغَيرِ أمرِه، ففيها قَولانِ لأهلِ العِلمِ:

القَولُ الأولُ: أنَّه لا يَرجعُ بشَيءٍ، وهو قَولُ أبي حَنيفةَ والشافِعيِّ ورِوايةٌ عن أحمدَ (٣)؛ لِحَديثِ ضَمانِ علِيٍّ وأبي قَتادةَ، فإنَّهما ضمِنا عنهما بغَيرِ إذنِهما، وقَضيا عنهما بغَيرِ إذنِهما، فلو كانا يَستحِقانِ الرُّجوعَ على الميِّتِ صارَ الدَّينُ لَهما، فكانت ذِمَّةُ الميِّتِ مَشغولةً بدَينِهما كاشتِغالِها


(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩٩)، و «المجموع» (١٣/ ١٩٥).
(٢) «المغني» (٦/ ٣٣٣).
(٣) «بدائع الصانع» (٧/ ٣٨٣)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٢٦٦)، و «المجموع» (١٣/ ١٩٦)، و «المغني» (٦/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>