للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاءَ طالَبَ الكَفيلَ، إلا إذا كانتِ الكَفالةُ بشَرطِ بَراءةِ الأصيلِ؛ لأنَّها حَوالةٌ مَعنًى، أو كانتْ مُقيَّدةً بما عليه مِنَ الدَّينِ؛ لأنَّها في مَعنى الحَوالةِ أيضًا (١).

وقال ابنُ الهُمامِ : والكَفالةُ ضَمُّ ذِمَّةٍ إلى ذِمَّةٍ، وذلك يُسوِّغُ مُطالَبتَهما، أو مُطالَبةَ أيِّهما شاءَ، إلا إذا شرَط في الكَفالةِ بَراءةَ الأصيلِ، فحينَئذٍ لا يُطالَبُ الأصيلُ بِناءً على أنَّها حينَئذٍ حَوالةٌ عُقِدت بلَفظِ الكَفالةِ تَجوزُ بها فيها، فتُجرى حينَئذٍ أحكامُ الحَوالةِ، كما أنَّ الحَوالةَ بشَرطِ ألَّا يُبرأَ الأصيلُ، تَنعقِدُ كَفالةً اعتِبارًا لِلمَعنى فيهما (٢).

وقال الإمامُ الحِصنيُّ : وإذا صَحَّ الضَّمانُ بشُروطِه … فلِلمُستحِقِّ أنْ يُطالِبَ الأصيلَ والضامِنَ، أمَّا الأصيلُ فلأنَّ الدَّينَ باقٍ عليه، ولِهذا قال رَسولُ اللهِ : لِأبي قَتادةَ حين وَفَّي دَينَ الميِّتِ: «الآنَ بَرَدت عليه جِلدتُه»، وإنَّا للهِ وإنَّا إليه راجِعونَ مما اكتَسبْناه في ذِمَمِنا، وأمَّا الضامِنُ فلِقَولِ شَفيعِ المُذنِبينَ : «الزَّعيمُ غارِمٌ»، ولنا وَجهٌ كمَذهبِ مالِكٍ: أنَّه لا يُطالَبُ الضامِنُ إلا بعدَ عَجزِ المَضمونِ عنه، وله مُطالَبةُ هذا ببَعضِ الدَّينِ، وذاك ببَعضِه الآخَرِ. اه (٣).

وعن الإمامِ مالِكٍ رِوايتانِ:

الأُولى: مِثلَ قَولِ الجُمهورِ.


(١) «بدائع الصانع» (٧/ ٣٧٦).
(٢) «شرح فتح القدير» (٧/ ١٨٢).
(٣) «كفاية الأخيار» (٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>