للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوضِعٍ: تَجوزُ الكَفالةُ بمَن عليه حَقٌّ أو حَدٌّ؛ لأنَّه حَقٌّ لِآدميٍّ، فصحَّت الكَفالةُ به كسائِرِ حُقوقِ الآدميِّينَ (١).

واستدلُّوا على ذلك بقَولِهم: إنْ كان في حَدٍّ مِنْ حُدودِ اللهِ لا يَصحُّ؛ لأنَّنا مَأْمورون بسترِها والسَّعيِ في إسقاطِها ما أمكَنَ، بخِلافِ عُقوبةِ الآدميِّ؛ لأنَّه حَقٌّ لَازمٌ فأشبَهَ المالَ (٢).

القَولُ الثالِثُ: أنَّها لا تَصحُّ في الحُقوقِ الخالِصةِ للهِ ، سَواءٌ أطابَتْ نَفْسُ المُدَّعَى عليه بإعطاءِ الكَفيلِ أو لَم تَطِبْ، وأمَّا في القِصاصِ وحَدِّ القَذفِ والسَّرِقةِ ففيها تَفصيلٌ؛ فإنْ طابَت نَفْسُ المُدَّعَى عليه بإعطاءِ الكَفيلِ صحَّ، وإلا لا يُجبَرِ الكَفيلُ عليه، وهذا مَذهبُ الحَنفيَّةُ (٣).

قال ابنُ الهُمامِ : ولا تَجوزُ الكَفالةُ بالنَّفْسِ في الحُدودِ والقِصاصِ عندَ أبي حَنيفةَ ، مَعناه: لا يُجبَرُ عليها عندَه، أي: لا يُجبَرُ على إعطاءِ الكَفيلِ، وقالا: -أبو يُوسُفَ ومُحمدٌ- يُجبَرُ في حَدِّ القَذفِ؛ لأنَّ فيه حَقَّ العَبدِ، وفي القِصاصِ لأنَّه خالِصُ حَقِّ العَبدِ، فيَليقُ بها الاستيثاقُ، كما في التَّعزيرِ، بخِلافِ الحُدودِ الخالِصةِ للهِ ، ولِأبي حَنيفةَ قَولُ النَّبيِّ


(١) «المغني» (٦/ ٣٤٥).
(٢) «حاشية الجمل» (٣/ ٣٨٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٧٠)، و «شرح الوجيز» (١٠/ ٣٧٣).
(٣) «بدائع الصانع» (٧/ ٣٧١)، و «فتح القدير» (٧/ ١٧٨)، و «حاشية ابن عابدين» (٥/ ٤٣٢)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ١٥٢، ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>