للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ قُدامةَ : ولأنه حَدٌّ. يَعني: أنَّه الكَفالةُ نَفْسُها بالحَدِّ مُطلَقًا، سَواءٌ كان مِنْ حُقوقِ اللهِ أو مِنْ حُقوقِ الآدميِّ، وسَواءٌ كانت الكَفالةُ بضَمانِ الحَدِّ نَفْسِه وعن صاحِبِه، أو بإحضارِ بَدنِ صاحِبِ الحَدِّ.

قال: إنَّ الكَفالةَ استيثاقٌ، والحُدودَ مَبناها على الإسقاطِ والدَّرءِ بالشُّبُهاتِ، فلا يَدخلُ فيها الاستيثاقُ.

ولأنَّ الحَدَّ حَقٌّ لا يَجوزُ استيفاؤُه مِنَ الكَفيلِ إذا تَعذَّر عليه إحضارُ المَكفولِ به، فلَم تَصحَّ الكَفالةُ بمَن هو عليه كحَدِّ الزِّنا (١).

القَولُ الثاني: لا تَصحُّ ببَدنِ مَنْ عليه عُقوبةٌ للهِ تَعالى، وتَصحُّ في عُقوبةِ الآدميِّ، وهو الصَّحيحُ عن الشافِعيَّةِ (٢).

قال النَّوَويُّ : وإنْ كانت الكَفالةُ لِآدميٍّ، كالقِصاصِ وحَدِّ القَذفِ، صحَّت الكَفالةُ على الأظهرِ.

وقيلَ: لا تَصحُّ قَطعًا، وإنْ كانت حَدًّا للهِ لَم تَصحَّ على المَذهبِ (٣).

وقال ابنُ قُدامةَ في «المُغني»: قال الشافِعيُّ: ولا تَصحُّ الكَفالةُ ببَدنِ مَنْ عليه حَدٌّ مِنْ حُدودِ اللهِ ، واختلَف قَولُه في حُدودِ الآدميِّ، فقال في مَوضِعٍ: لا كَفالةَ في حُدودِ الآدميِّ ولا لِعانَ، وقال في


(١) «المغني» (٦/ ٣٤٥).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٢٥٣)، و «حاشية الجمل» (٣/ ٣٨٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٧٠).
(٣) «روضة الطالبين» (٤/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>