للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَولُ الثاني: لا يَصحُّ ضَمانُ الأماناتِ مُطلَقًا، يَعني ضَمانَ تَسليمِها وضَمانَ بَدلِها إنْ تَلِفت، وهو قَولٌ لِلحَنابِلةِ (١). لِعُمومِ قَولِه : «الزَّعيمُ غارِمٌ» (٢)، ووَجهُ الدِّلالةِ مِنَ الحَديثِ أنَّ الحَديثَ عامٌّ، فيَشمَلُ بذلك ضَمانَ الأماناتِ.

القَولُ الثالِثُ: إنْ كانتِ العَينُ أمانةً غَيرَ واجِبةِ التَّسليمِ، كالوَدائعِ ومالِ الشَّرِكاتِ والمُضارَباتِ، لَم يَصحَّ ضَمانُها مُطلَقًا، لا ضَمانُ تَسليمِها، ولا ضَمانُ بَدلِها إنْ تَلِفتْ (٣).

وإنْ كانت أمانةً واجِبةَ التَّسليمِ (٤)، كالعاريَّةِ (٥) والمُستأجَرِ في يَدِ الأجيرِ، صَحَّ ضَمانُ تَسليمِها فَقطْ إنْ كانت قائِمةً، وإنْ هلَكتْ لَم يَجِبْ على الكَفيلِ شَيءٌ، وهذا قَولُ الحَنفيَّةِ (٦).


(١) «الإنصاف» (٥/ ٢٠٠)، و «الكافي» (٢/ ٢٣٠)، و «المبدع» (٤/ ٢٥٦).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أي: لا يجبُ على صاحبِ اليدِ -وهو الأصيلُ- تَسليمُه بل على المَالكِ أن يَسعى إلى ذلك.
(٤) أي: أنه واجبٌ على صاحبِ اليدِ -وهو الأصيلُ- تَسليمُه، بمَعنى أنَّه مُلتزِمٌ أن يَسعى إلى تَسليمِه إلى مالكِه، فهذا يصحُّ الضَّمانُ بتَسليمِه، فإذا تلِفت، لا يلزَمُ الضَّامنَ شيءٌ؛ لكَونِها أمانةً والأمانةُ إذا هلَكت تهلِك مَجانًا. «الروض المربع» (٦/ ٤٣٨).
(٥) لأنَّ العاريَّةَ عندَهم- أي الحَنفيَّة- أمانةٌ في يدِ المُستعيرِ خِلافًا للشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ وعلى تَفصيلٍ عندَ المالِكيَّةِ.
(٦) «بدائع الصانع» (٧/ ٣٦٧)، و «فتح القدير» (٧/ ١٩٩)، و «حاشية ابن عابدين» (٥/ ٤٤٣)، و «مجمع الضمانات» (٥٩١، ٥٩٢)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>