للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ العَينَ في هذه الحالةِ تَكونُ مَضمونةً على مَنْ هي في يَدِه، فلزِم ضَمانُه، كالمَغصوبِ والعَواري (١).

فكلُّ ما لا يُضمَنُ إلا بتعَدٍّ أو تَفريطٍ لا يَصحُّ ضَمانُه؛ لأنَّ الأصلَ غَيرُ ضامِنٍ؛ فإنْ كان الأصلُ غَيرَ ضامِنٍ لا يَصحُّ أنْ يُبنى على شَيءٍ لَم يَثبُتْ، لكنَّ التَّعديَ فيها يَصحُّ؛ لأنَّه إذا تعدَّى الأمينُ انتَفَتْ عنه الأمانةُ، وصارَ ضامِنًا بكلِّ حالٍ، فيَصحُّ أنْ يَضمنَ التَّعديَ فيه.

مِثالُ ذلك: رَجلٌ أودَعَ عندَ آخرَ وَديعةً -ولتَكُنْ ألْفَ ريالٍ-، ثم بعدَ أنْ أودَعَه، صارَ عندَه شَكٌّ في أمانتِه، فتَقدَّم رَجلٌ آخَرُ وقال: «أنا أضمَنُ الوَديعةَ».

فالضَّمانُ هنا لا يَصحُّ؛ لأنَّ الأصلَ غيرُ ضامِنٍ، لكنْ لو قال: أنا أضمَنُ لك إنْ تعَدَّى أو فرَّطَ فهذا صَحيحٌ؛ لأنَّه في حالِ التَّعدِّي أو التَّفريطِ يَكونُ ضامِنًا، وحينَئذٍ يَصحُّ الضَّمانُ.

ومِنَ المَعلومِ أنَّ التِزامَ الكَفيلِ تابِعٌ إلى التِزامِ الأصيلِ؛ فإنْ كان المُودَعُ لَدَيْه غَيرَ ضامِنٍ لِلوَديعةِ، لا تَصحُّ الكَفالةُ في هذه الحالةِ؛ لأنَّ الكَفيلَ لا يُلزمُ إلا بما يُلزمُ به الأصيلُ.

والفَرقُ بينَ التَّعدي والتَّفريطِ أنَّ التَّعديَ: فِعلُ ما لا يَجوزُ، والتَّفريطَ: تَركُ ما يَجِبُ (٢).


(١) «المغني» (٦/ ٣١٨)، و «الروض المربع» (٦/ ٤٣٨).
(٢) «الشرح الممتع» (٤/ ١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>