للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ قُدامةَ : ولنا أنَّها مَضمونةٌ -يَعني الأعيانَ- على مَنْ هي في يَدِه، فصحَّ ضَمانُها كالحُقوقِ الثابِتةِ في الذِّمَّةِ (١).

القَولُ الثاني: لا يَصحُّ مُطلَقًا، وهو قَولٌ لِلشافِعيَّةِ (٢)؛ لأنَّ الأعيانَ غَيرُ ثابِتةٍ في الذِّمَّةِ، وإنَّما يُضمنُ ما ثبَت في الذِّمَّةِ، ووَصفُنا لها بالضَّمانِ إنَّما مَعناه أنَّه يَلزمُه قيمَتُها عندَ التَّلفِ، والقيمةُ مَجهولةٌ (٣).

وناقشَ هذا القَولَ ابنُ قُدامةَ ، حيث قال: وقَولُهم: إنَّ الأعيانَ لا تَثبُتُ في الذِّمَّةِ، قُلنا: الضَّمانُ في الحَقيقةِ إنَّما هو ضَمانُ استِنقاذِها ورَدِّها، وهو التِزامُ تَحصيلِها أو قيمَتِها عندَ تَلفِها، وهذا ممَّا يَصحُّ ضَمانُه كعُهدةِ المَبيعِ؛ فإنَّ ضَمانَها يَصحُّ، وهو في الحَقيقةِ التِزامُ رَدِّ الثَّمنِ أو عِوَضِه إنْ ظهَر بالمَبيعِ عَيبٌ أو خرَج مُستحَقًّا (٤).

القَولُ الثالِثُ: يَصحُّ ضَمانُ رَدِّها فَقَطْ إلى مالِكِها إنْ كانت قائِمةً دونَ ضَمانِ قيمَتِها إنْ تَلِفت، وهذا مَذهبُ الشافِعيَّةِ (٥). أمَّا صِحةُ ضَمانِ رَدِّها فَقَطْ فبالقياسِ على صِحةِ ضَمانِ البَدنِ، بل هنا أوْلَى؛ لأنَّ المَقصودَ هنا هو المالُ.


(١) «المغني» (٦/ ٣١٨)، و «الروض المربع» (٦/ ٤٣٥).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٢٥٥).
(٣) المصدرين السابقين.
(٤) «المغني» (٦/ ٣١٨).
(٥) «روضة الطالبين» (٤/ ٢٥٥)، «المجموع» (١٣/ ١٦٧)، و «الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع» (٢/ ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>