للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرويٌّ عن الصَّدرِ الأولِ، وأمَّا الحُكمُ اللَّازِمُ عنها، فجُمهورُ القائِلينَ بحَمالةِ النَّفْسِ مُتَّفقونَ على أنَّ المُتحمَّلَ عنه إذا ماتَ لَم يَلزَمِ الكَفيلَ بالوَجهِ شَيءٌ، وحُكيَ عن بَعضِهم لُزومُ ذلك، وفَرَّقَ ابنُ القاسِمِ بينَ أنْ يَموتَ الرَّجُلُ حاضِرًا وغائِبًا، فقال: إنْ ماتَ حاضِرًا لَم يَلزَمِ الكَفيلَ شَيءٌ، وإنْ مات غائِبًا نُظِرَ؛ فإنْ كانت المَسافةُ التي بينَ البَلديْنِ مَسافةً يُمكِنُ لِلحَميلِ فيها إحضارُه في الأجَلِ المَضروبِ له في إحضارِه، وذلك في نَحوِ اليَوميْنِ إلى الثلاثةِ، ففَرَّط، غُرِّمَ، وإلَّا لَم يُغرَّمْ) (١).

وقال ابنُ بَطَّالٍ : ولَم يَختلِفِ الذين أجازُوها في النَّفْسِ أنَّ المَطلوبَ إنْ غابَ أو ماتَ لَم يَقُمْ على الكَفيلِ به حَدٌّ، ولا لَزِمَه قِصاصٌ، فصارَتِ الكَفالةُ بالنَّفْسِ عندَهم غيرَ مُوجِبةٍ لِحُكمٍ في البَدَنِ (٢).

وقال ابنُ المُنيرِ : والكَفالةُ بالنَّفْسِ قال بها الجُمهورُ، ولم يَختلِفْ مَنْ قال بها أنَّ المَكفولَ بحَدٍّ أو قِصاصٍ إذا غابَ أو ماتَ، أنَّه لا حَدَّ على الكَفيلِ، بخِلافِ الدَّينِ، والفَرقُ بينَهما أنَّ الكَفيلَ إذا أدَّى المالَ وَجَب له على صاحِبِ المالِ مِثلُه (٣).

ولكنَّنا رأينا أغلَبَ الشافِعيَّةِ يُصحِّحون ويَقولون بضَمانِ الوَجهِ، فقد قال الإمامُ النَّوَويُّ في «رَوضةِ الطالِبينَ»:


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٤٠٥، ٤٠٦).
(٢) «شرح صحيح البخاري» (٦/ ٤٢٢).
(٣) يُنظر: «فتح الباري» لابن حجر (٤/ ٥٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>