للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَصَّرَ (١) في طَلَبِه، ولم يَعلَمْ مَوضِعَه، ولا غُرمَ عليه، إلا إذا فَرَّطَ في الطَّلَبِ، حتى لا يَتمكَّنَ رَبُّ الحَقِّ منه؛ فإنَّه يُغرَّمُ، كأنْ طَلَبه في المَكانِ الذي يَظُنُّ أنه لا يَكونُ به، وتَرَك ما يَظُنُّ أنه به، وأوْلى إن هَرَّبه أو عَلِم مَوضِعَه ولم يَدُلَّ رَبَّ الحَقِّ عليه (٢).

ومِن هذا الشَّرحِ يَتبيَّنُ لنا أنَّ ضَمانَ الطَّلَبِ قد لا يُعدُّ قِسمًا ثالِثًا، فهو -كما قالوا- ضَمانُ وَجهٍ مع شَرطٍ، وهذا الشَّرطُ هو عَدَمُ غُرمِ المالِ، هذا إذ لم يُفرِّطْ في الطَّلبِ، والإمامُ مالِكٌ عَدَّ هذا كَفالةَ وَجهٍ مع شَرطٍ، فقد جاءَ في المُدوَّنةِ:

قال سَحنونٌ لابنِ القاسِمِ: أرأيتَ إنْ قال: «أنا أتكَفَّلُ بوَجهِه إلى أجَلِ كذا وكذا، فإنْ لَم آتِ به فعَليَّ طَلَبُه حتى آتيَ به، فأمَّا المالُ فلا أضمَنُه»،


(١) قَولُه: وحلَف ما قَصَّرَ وغُرِّمَ إنْ فَرَّط أو هرَّبه وعُوقِب، إنْ خرَج لِطَلبِه ثم قَدِم وزَعَم أنَّه لَم يَجِدْه، يُشدَّدُ عليه، فإذا لَم يَظهَرْ عليه تَقصيرٌ وعجَز عن إحضارِه بُرِّئَ وكان القَولُ قَولَه إذا مَضَت مُدَّةٌ يَذهَبُ فيها إلى المَوضِعِ الذي هو فيه ويَرجِعُ، وغايةُ ما عليه أنْ يَحلِفَ أنَّه ما قَصَّر في طَلَبِه ولا دَلَّس ولا يَعرِفُ له مُستَقَرًّا، هذا قَولُ ابنِ القاسِمِ، وأمَّا إنْ وجَده وتَرَكه بحيث لا يَتمكَّنُ رَبُّه مِنْ أخذِ الحَقِّ منه، أو هرَّبه بحيث لا يَتمكَّن رَبُّه مِنْ أخذِ الحَقِّ منه فإنَّه يُغرَّمُ.
وعُوقِب، أي: إذا اتُّهِم على أنَّه فَرَّط كما في المُدوَّنةِ، وإنَّما عُوقِب لارتِكابِه مَعصيةً؛ لأنَّ التَّفريطَ في التَّفتيشِ حتى تَلِف مالُ الغَيرِ مَعصيةٌ.
يُنظر: «شرح مختصر خليل» (٦/ ٣٣)، و «أقرب المسالك» (٣/ ٢٨٨).
(٢) «الشرح الصغير مع بلغة السالك» (٣/ ٢٨٧ - ٢٨٨)، و «حاشية الدسوقي على الشرح «الكبير» (٣/ ٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>