للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقُربةِ؛ ولأنَّ الزِّيادةَ المَشروطةَ تُشبِهُ الرِّبا؛ لأنَّها فَضلٌ لا يُقابِلُه عِوَضٌ، والتَّحرُّزُ عن حَقيقةِ الرِّبا وعن شُبهةِ الرِّبا واجِبٌ (١).

وقال الحَنابِلةُ: ومِثلُ ذلك اشتِراطُ المُقرِضِ أيَّ عَمَلٍ يَجُرُّ إليه نَفعًا، كأنْ يُسكِنَه المُقترِضُ دارَه مَجَّانًا، أو يُعيرَه دابَّتَه، أو يَعمَلَ له كذا، أو يَنتفِعَ برَهنِه … إلخ؛ لأنَّ النَّبيَّ نَهى عن بَيعٍ وسَلَفٍ (٢)؛ لأنَّه شَرَط عَقدًا في عَقدٍ؛ فلَم يَجُزْ كما لو باعَه دارَه بشَرطِ أنْ يَبيعَه الآخَرُ دارَه.

وإنْ شَرَط أنْ يُؤجِّرَه دارَه بأقَلَّ مِنْ أُجرَتِها، أو على أنْ يَستأجِرَ دارَ المُقرِضِ بأكثَرَ مِنْ أُجرَتِها، أو يَعمَلَ له عَمَلًا كان أبلَغَ في التَّحريمِ.

فإنْ فَعَل ما يَحرُمُ اشتِراطُه بأنْ أسكَنَه دارَه وغَيرِ ذلك مِنْ غيرِ شَرطٍ جازَ (٣).

وهذا إذا كانتِ الزِّيادةُ مَشروطةً في القَرضِ، فأمَّا إنْ كانتِ الزِّيادةُ غيرَ مَشروطةٍ فيه، ولكنَّ المُستَقرِضَ قَضاه خَيرًا ممَّا أعطاه، سَواءٌ في القَدْرِ أو الصِّفةِ أو دونَ ذلك، فلا بأسَ بذلك عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ الحَنفيَّةِ والشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ؛ لأنَّ الرِّبا اسمٌ لِزِيادةٍ مَشروطةٍ في العَقدِ ولَم تُوجَدْ، بل


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٩٥)، و «المغني» (٤/ ٢١١).
(٢) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٣٥٠٣)، والترمذي (١٢٣٤)، والنسائي (٤٦١١)، وابن ماجه (٢١٨٨).
(٣) «المغني» (٤/ ٢١١)، و «الإنصاف» (٥/ ١٣١، ١٣٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٣٢٨)، و «كشاف القناع» (٣/ ٣٧٠)، و «الروض المربع» (٢/ ٧)، و «منار السبيل» (٢/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>