للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثلُ صِفاتِه تَقريبًا؛ فإنَّ حَقيقةَ المِثلِ إنَّما تُوجَدُ في المَكيلِ والمَوزونِ، فإنْ تَعذَّرَ المِثلُ فعليه قيمَتُه يَومَ تَعذُّرِ المِثلِ؛ لأنَّ القيمةَ ثَبَتتْ في ذِمَّتِه حينَئذٍ (١).

وقال الشافِعيَّةُ: يَنبَغي اعتِبارُ ما فيه مِنَ المَعاني، كحِرفةِ الرَّقيقِ وفَراهةِ الدَّابَّةِ، فيُرَدُّ ما يَجمَعُ تلك الصِّفاتِ كلَّها حتى لا يَفوتَ عليه شَيءٌ.

فإنْ لَم يَتأتَّ اعتُبِرَ مع الصُّورةِ مُراعاةُ القيمةِ، وعليه لو لَم يُوجَدْ عَبدٌ تَبلُغُ قيمَتُه قيمةَ العَبدِ المُقرِضِ مع مُلاحَظةِ صِفاتِه، فهل تُرَدُّ قيمةُ العَبدِ المُقرَضِ دَراهِمَ لِتَعذُّرِ رَدِّ مِثلِه، أو يُرَدُّ مِثلُه صُورةً ويُرَدُّ معه مِنَ المالِ ما يَبلُغُ به قيمةَ العَبدِ المُقرَضِ؟ فيه نَظَرٌ، والظاهِرُ الأوَّلُ لِلعِلَّةِ المَذكورةِ.

وذهَب الحَنابِلةُ في المَذهبِ والشافِعيَّةُ في قَولٍ إلى أنَّه يَجبُ رَدُّ قيمَتِه يَومَ القَرضِ؛ لأنَّه لا مِثلَ له، فيَضمَنُه بقيمَتِه كما لو أتلَفَ مُتقوَّمًا، وإنَّما وَجَبتْ قيمَتُه يَومَ القَرضِ عندَ الحَنابِلةِ، والصَّحيحِ عندَ الشافِعيَّةِ لأنَّها حينَئذٍ ثَبَتتْ في ذِمَّتِه، وهذا عندَ الشافِعيَّةِ على القَولِ بأنَّ القَرضَ يُملَكُ بالقَبضِ، وبالأكثَرِ مِنْ وَقتِ القَبضِ إلى التَّصرُّفِ إنْ قُلنا يُملَكُ بالتَّصرُّفِ.

والقَولُ في الصِّفةِ أو القيمةِ عندَ الاختِلافِ فيهما قَولُ المُستقرِضِ بيَمينِه؛ لأنَّه غارِمٌ (٢).


(١) «المغني» (٤/ ٢١٠).
(٢) «روضة الطالبين» (٣/ ٢٥٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٣)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٢٦٢)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٢٨٣)، و «الديباج» (٢/ ١٦٩)، و «البيان» (٥/ ٤٦٦)، و «المغني» (٤/ ٢١٠)، و «الفروع» (٤/ ١٥٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ٣٦٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>