للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ المَقبوضَ كان ثَمَنًا، وقد بَطَلتِ الثَّمَنيَّةُ بالكَسادِ، فعَجَز عن رَدِّ المِثلِ فيَلزَمُه رَدُّ القيمةِ، كما لو استَقرَضَ رُطَبًا فانقَطَعَ عن أيدي الناسِ؛ فإنَّه يَلزَمُه قيمَته؛ لِما قُلنا، كذا هذا.

وقال مُحمدٌ وبَعضُ الحَنابِلةِ: يَكونُ عليه قيمَتُها وَقتَ فَسَدتْ وكَسَدتْ وتُرِكتِ المُعامَلةُ بها؛ لأنَّه كان يَلزَمُه رَدُّ مِثلِها ما دامَتْ نافِعةً، فإذا فَسَدتِ انتَقَلَ إلى قيمَتِها حينَئذٍ، كما لو عُدِمَ المِثلُ.

وإذا كان مما يَجري فيه رِبا الفَضلِ فإنَّه يُعطي مما لا يَجري فيه الرِّبا، فلو أقرَضَه دراهِمَ مُكسَّرةً فحَرَّمَها السُّلطانُ أعطى قيمَتَها ذهَبا وعَكسُه بعَكسِه.

وقال المالِكيَّةُ في المَشهورِ: وإنْ عُدِمتْ في بَلَدِ المُعامَلةِ -وإنْ وُجِدتْ في غَيرِها- فتُعتبَرُ القيمةُ يَومَ الحُكمِ بأنْ يَدفَعَ له قيمَتَها عَرضًا، أو يُقَوِّمُ العَرضَ بعَينٍ مِنَ المُتجدِّدةِ.

وهذا مُقيَّدٌ بما إذا لَم يَكُنْ مِنَ المَدينِ مَطلٌ، وإلا كان لِرَبِّها الأحَظُّ مِنْ أخْذِ القيمةِ أو مما آلَ إليه الأمرُ مِنَ السَّكَّةِ الجَديدةِ الزائِدةِ على القَديمةِ؛ لِظُلمِ المَدينِ بمَطلِه؛ كمَن عليه طَعامٌ امتَنَع رَبُّه مِنْ أخْذِه حتى غَلا، فليس لِرَبِّه إلا قيمَتُه يَومَ امتِناعِه وتَبيُّنِ ظُلمِه.

وقال بَعضُ المالِكيَّةِ: له قيمَتُها وَقتَ أبعَدِ الأجلَيْنِ عندَ تَخالُفِ الوَقتَيْنِ مِنَ العَدَمِ والاستِحقاقِ، فلو كان انقِطاعُ التَّعامُلِ بها أو تَغيُّرُها نَقصًا أو غَلاءً أوَّلَ الشَّهرِ الفُلانيِّ، وإنما حَلَّ الأجَلُ آخِرَه فله القيمةُ آخِرَه، وبالعَكسِ بأنْ حَلَّ الأجَلُ أوَّلَه وعُدِمتْ آخِرَه فإنَّ له القيمةَ يَومَ العَدَمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>