للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقَولُه: «في عِوَضٍ» أخرَجَ به دَفعَه هِبةً، وقوله: «غَيرِ مُخالِفٍ له» أخرَجَ السَّلَمَ والصَّرفَ، وقولُه: «ليس عاجِلًا» عَطفٌ على مَحذوفٍ، أي: حالةَ كَونِ ذلك العِوَضِ مُؤجَّلًا لا مُعجَّلًا، وأخرَجَ بهذا المُبادَلةَ المِثليَّةَ، كدَفعِ دِينارٍ أو إردَبٍّ في مِثلِه حالًّا، وقَولُه: «تَفضُّلًا» أي: حالةَ كَونِ ذلك الدَّفعِ تَفضُّلًا أو لِأجْلِ التَّفضُّلِ، ولا يَكونُ الدَّفعُ تَفضُّلًا إلا إذا كانَ النَّفعُ لِلمُقتَرِضِ وَحدَه، بأنْ يَقصِدَ المُسلِفُ نَفْعَ المُسَتلِفِ فَقَطْ، لا نَفْعَه ولا نَفْعَهما ولا نَفْعَ أجنبيٍّ، بأنْ يَقصِدَ بالدَّفعِ لِزَيدٍ نَفْعَ عَمرٍو، ولِكَونِ عَمرٍو يَعودُ عليه مَنفَعةٌ مِنْ ذلك القَرضِ، كأنْ يَكونَ لِعَمرٍو دَينٌ على زَيدٍ، فيُقرِضَ زَيدًا لِأجْلِ أنْ يَدفَعَ لِعَمرٍو دَينَه؛ لأنَّ ذلك سَلَفٌ فاسِدٌ.

وقَولُه: «لا يُوجِبُ إمكانَ عاريةٍ» أي: لا يَقتَضي ذلك الدَّفعُ جَوازَ عاريةٍ لا تَحِلُّ؛ احتِرازًا مِنْ قَرضٍ يُوجِبُ إمكانَ العاريةِ التي لا تَحِلُّ، فلا يَجوزُ قَرضُ جاريةٍ تَحِلُّ لِلمُستَقرِضِ؛ لِما في ذلك مِنْ عاريةِ الفُروجِ، وقَولُه: «مُتعلِّقٍ بالذِّمَّةِ» تابِعٌ لِعِوَضٍ (١).

وفي «الشَّرحِ الصَّغيرِ»: القَرضُ -وهو المُسمَّى في العُرفِ بالسَّلَفِ- هو: إعطاءُ مُتمَوَّلٍ مِنْ مِثليٍّ أو حَيوانٍ أو عَرضٍ في نَظيرِ عِوَضٍ مُتماثِلٍ صِفةً وقَدْرًا لِلمُعطِي في ذِمَّةِ المُعطَى له؛ لِنَفعِ المُعطَى له فَقَطْ، لا نَفْعِ المُعطِي -بالكَسرِ-، ولا هُما معًا، وإلَّا كان مِنَ الرِّبا المُجمَعِ على تَحريمِه.


(١) يُنظر: «المختصر الفقهي شرح حدود ابن عرفة» (٩/ ٣٨٠)، و «البهجة في شرح التحفة» (٢/ ٤٧١)، و «شرح مختصر خليل» (٥/ ٢٢٩)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٦٠٧)، و «مواهب الجليل» (٦/ ٤٠٦)، و «حاشية الدسوقي» (٤/ ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>