وفي الاصطِلاحِ عرَّفه الفُقهاءُ بتَعريفاتٍ مُتقارِبةٍ، فعرَّفه الحَنفيَّةُ بأنَّه: ما تُعطيه مِنْ مِثليٍّ لِتَتَقاضى مِثلَه، فلا يَصحُّ في القيميَّاتِ وكلِّ مُتفاوِتٍ، والدَّينُ أعَمُّ منه، فيُشترَطُ في القَرضِ أنْ يَكونَ مِثليًّا: وحَدُّ المِثليِّ هو: الذي لا تَتفاوَتُ آحادُه تَفاوُتًا تَختلِفُ به القيمةُ، وذلك كالمَكيلاتِ والمَوزوناتِ والمَعدوداتِ المُتقارِبةِ؛ كالبَيضِ والجَوزِ؛ فإنَّ نحوَ الجَوزِ تَتفاوَتُ أحادُه تَفاوتًا يَسيرًا.
أمَّا ما ليس مِثليًّا: كالحَيَوانِ والحَطَبِ والعَقارِ ونَحوِها مما يُقدَّرُ بالقيمةِ فإنَّه لا يَصحُّ قَرضُه، ومِثلُه المَعدوداتُ المُتفاوِتةُ تَفاوُتًا تَختلِفُ به القيمةُ، كالبِطِّيخِ والرُّمَّانِ ونَحوِهما مما تَقدَّم في السَّلَمِ؛ فإنَّه لا يَصحُّ قَرضُه، فإذا اقتَرَضَ شَيئًا مِنْ ذلك وَقَع القَرضُ فاسِدًا، ولكنَّه يُملَكُ بالقَبضِ، فمَثَلًا: إذا اقتَرَض بَيتًا أو جَمَلًا ثم قبَضه فإنَّه يَملِكُه، ولكنْ لا يَحِلُّ له أنْ يَنتفِعَ به على أيِّ وَجهٍ، فإذا باعَه فإنَّ بَيعَه يَقَعُ صَحيحًا؛ نَظَرًا لِلمِلكِ، ولكنَّه يأثَمُ بذلك؛ لأنَّ الفاسِدَ يَجبُ فَسخُه، ولأنَّ البَيعَ مانِعٌ مِنَ الفَسخِ، فقد فَعَلَ ما يُنافي الواجِبَ فيأثَمُ بذلك (١).
وأمَّا مِنَ المالِكيَّةُ فقد عرَّفه ابنُ عَرَفةَ بقَولِه: دَفْعُ مُتموَّلٍ في عِوَضٍ -غَيرِ مُخالِفٍ له، ليس عاجِلًا، تَفضُّلًا فَقَطْ، لا يُوجِبُ إمكانَ عاريةٍ لا تَحِلُّ- مُتعلِّقٍ بذِمَّةٍ.
فأخرَجَ بقَولِه:«مُتمَوَّلٍ» دَفْعَ غيرِ المُتموَّلِ إذا دَفَعه كقِطعةِ نارٍ، فليس بقَرضٍ ولا يُقرَضُ مِثلُ هذا.