لِجانِبِ الحَوالةِ بشَرطِ أنْ يَكونَ القابِضُ ممَّن يُشبِهُ أنْ يَكونَ مِثلُه يُدايِنُ المُحيلَ، وإلا كان القَولُ قَولَ المُحيلِ ويَحلِفُ ما أدخَلَه إلا وَكيلًا.
وكذلك إذا قال له المُحيلُ:«إنَّما أحَلتُكَ لِتَقبِضَه لي على سَبيلِ أنَّه سَلَفٌ مِني لكَ»، وقال المُحالُ: «إنَّما قَبَضتُه مِنَ الدَّينِ الذي لي عليكَ، فإنَّ القَولَ في ذلك قَولُ المُحالِ بيَمينِه (١).
أمَّا الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ ففَصَّلوا في المَسألةِ:
فقال الشافِعيَّةُ: لو قال المُستحَقُّ عليه -وهو المُحيلُ- لِلمُستحِقِّ-وهو المُحتالُ-: «وَكَّلتُكَ لِتَقبِضَ لي دَيني مِنْ فُلانٍ»، وقال المُستَحِقُّ:«أحَلتَني به».
أو قال الأوَّلُ:«أرَدتُ بقَولي: أحَلتُكَ به الوَكالةَ»، وقال المُستحِقُّ:«بل أرَدتَ بذلك الحَوالةَ»، صُدِّقَ المُستحَقُّ عليه بيَمينِه، لأنَّه أعرَفُ بإرادَتِه وقَصدِه؛ ولأنَّه المُصدَّقُ في أصلِ الإذْنِ، فكذا في صِفتِه، والأصلُ بَقاءُ الحَقَّيْنِ.
وفي الصُّورةِ الثانيةِ وَجهٌ بتَصديقِ المُستَحِقِّ بيَمينِه لأنَّ الظاهِرَ مَنعُه.
ومَحَلُّ الخِلافِ إذا قال:«أحَلتُكَ بمِئةٍ على زَيدٍ»، ونَحوَ ذلك، أمَّا إذا قال: أحَلتُكَ بالمِئةِ التي لكَ علَيَّ بالمِئةِ التي لي على زَيدٍ فالقَولُ قَولُ المُستَحِقِّ قَطعًا -أي: المُحتالِ-؛ لأنَّ ذلك لا يَحتمِلُ غيرَ الحَوالةِ.
(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٢)، و «الاختيار» (٣/ ٤)، و «اللباب» (١/ ٥٨٧)، و «الهداية» (٣/ ١٠٠)، و «شرح فتح القدير» (٧/ ٢٤٧)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ١٧٣)، و «العناية» (١٠/ ١٨٣، ١٨٤)، و «البحر الرائق» (٦/ ٢٧٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٤/ ٥٣٦)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٠٧)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢١).