والآخَرُ: لا يَصحُّ؛ لأنَّ الواجِبَ في القَرضِ في إحدى الرِّوايَتَيْنِ القيمةُ، فقد اختَلَف الجِنسُ، وإنْ أحالَ المُقترِضُ مَنْ له الدِّيةَ بها لَم يَصحَّ وَجهًا واحِدًا؛ لأنَّنا قُلنا: الواجِبُ القيمةُ، فالجِنسُ مُختَلِفٌ، وإنْ قُلنا: يَجبُ المِثلُ فلِلمُقترِضِ مِثلُ ما أقرَضَ في صِفاتِه وقيمَتِه، والذي عليه الدِّيةُ لا يَلزَمُه ذلك.
الشَّرطُ الثالِثُ: استِقرارُ المالِ المُحالِ عليه؛ لأنَّ مُقتَضاها إلزامُ المُحالِ عليه بالدَّينِ مُطلَقًا، وما ليس بمُستقِرٍّ عُرضةٌ لِلسُّقوطِ ولا يَثبُتُ ذلك فيما هو بعَرضِ السُّقوطِ، ولا يُعتبَرُ استِقرارُ المُحالِ به؛ لِجَوازِ أداءِ غيرِ المُستقِرِّ.
فلا تَجوزُ الحَوالةُ بدَينِ السَّلَمِ ولا عليه؛ لأنَّه لا تَجوزُ المُعاوَضةُ عنه به، ولا عنه، ولو أحال الزَّوجُ زَوجَتَه قبلَ الدُّخولِ بصَداقِها صَحَّ، وإنْ أحالَتِ المَرأةُ به عليه لَم يَصحَّ؛ لأنَّه غيرُ مُستقِرٍّ، وإنْ أحالَ المُشتَري البائِعَ بثَمَنِ المَبيعِ في مُدَّةِ الخيارِ صَحَّ، وإنْ أحالَ البائِعَ به عليه لَم يَصحَّ لذلك، وإنْ أحالَ المُكاتَبُ سَيِّدَه بنَجمٍ فدَخَلَ عليه صَحَّ، وإنْ أحالَ سَيِّدَه عليه لَم يَصحَّ لذلك، وإنْ أُحيلَ على المُكاتَبِ بدَينٍ غيرِ مالِ الكِتابةِ صَحَّ؛ لأنَّ حُكمَه حُكمُ الأحرارِ في المُدايَناتِ (١).
(١) يُنظر: «المغني» (٤/ ٣٣٦، ٣٣٨)، و «الكافي» (٢/ ١٨، ٢٠)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٣٩، ١٤٠)، و «المبدع» (٤/ ٢٧١، ٢٧٢)، و «الإنصاف» (٥/ ٢٢٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ٤٤٩، ٤٥٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٣٩٩، ٤٠٠)، و «الروض المربع» (٢/ ٣٣، ٣٤).