للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسًا: المُحالُ به: وهو الدَّينُ المُماثِلُ، أي: الحَقُّ الذي يَكونُ لِلمُحالِ على المُحيلِ ويُحيلُه به على المُحالِ عليه.

ويُشتَرَطُ فيه شُروطٌ، بَعضُها مُتَّفَقُ عليه، وبَعضُها مُختَلَفٌ فيه، وسنَذكُرُ كلَّ مَذهبٍ على حِدَةٍ:

قال الحَنفيَّةُ: يُشترَطُ في المالِ المُحالِ به ما يلي:

١ - أنْ يَكونَ مَعلومًا: فلا تَصحُّ بالمَجهولِ، فلو احتالَ بمالٍ مَجهولٍ على نَفْسِه بأنْ قال: احتَلتُ بما يَذُوبُ لكَ على فُلانٍ لا تَصحُّ الحَوالةُ مع جَهالةِ المالِ، ولا تَصحُّ الحَوالةُ أيضًا بهذا اللَّفظِ.

٢ - أنْ يَكونَ دَينًا: أمَّا الأعيانُ والحُقوقُ (١) فإنَّ الحَوالةَ بها لا تَصحُّ، وإنَّما اختُصَّتْ بالدُّيونِ؛ لأنَّ الدُّيونَ هي التي تُنقَلُ مِنْ ذِمَّةٍ إلى ذِمَّةٍ؛ لأنَّ النَّقلَ الذي تَضمَّنتْه نَقلٌ شَرعيٌّ، وهو لا يُتصَوَّرُ في الأعيانِ، بل المُتصَوَّرُ فيها النَّقلُ الحِسِّيُّ، فكانتْ نَقلَ الوَصفِ الشَّرعيِّ وهو الدَّينُ، فلا بُدَّ أنْ يَكونَ لِلمُحتالِ دَينٌ على المُحيلِ، ولأنَّها تُنبِئُ عن التَّحويلِ؛ لِما ذَكَرْنا، والتَّحويلُ في الدَّينِ لا في العَينِ.

وتَقريرُه: الحَوالةُ تَحويلٌ شَرعيٌّ، والتَّحويلُ الشَّرعيُّ إنَّما يُتصَوَّرُ في مُحوَّلٍ شَرعيٍّ، وهو الدَّينُ؛ لأنَّه وَصفٌ شَرعيٌّ في الذِّمَّةِ يَظهَرُ أثَرُه عندَ المُطالَبةِ، فجازَ أنْ يَعتبِرَه الشَّرعُ في ذِمَّةِ شَخصٍ آخَرَ بالتِزامِه.


(١) قال ابن نجيم في «البحر الرائق» (٦/ ٢٦٩): وفي «السراج الوهاج»: لَا تَصحُّ الحَوالةُ بالأعْيانِ وَالحُقوقِ اه. ولَم يمثِّلوهُما.

<<  <  ج: ص:  >  >>